للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنجعلكم خيار الأمم لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم، لأن الجميع معترفون لكم بالفضل، والوسط هاهنا الخيار والأجود كما يقال: قريش أوسط العرب نسبا ودارا، أي خيرها، وكان رسول الله وسطا في قومه، أي أشرفهم نسبا، ومنه الصلاة الوسطى التي هي أفضل الصلوات وهي العصر، كما ثبت في الصحاح وغيرها. ولما جعل الله هذه الأمة وسطا، خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب، كما قال تعالى: ﴿هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ﴾ [الحج: ٧٨].

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله «يدعى نوح يوم القيامة، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم فيقولون: ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد، فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، قال فذلك قوله: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ قال: والوسط العدل، فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم» رواه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة من طرق عن الأعمش.

وقال الإمام أحمد (٢) أيضا: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله «يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجلان وأكثر من ذلك، فيدعى قومه، فيقال: هل بلغكم هذا؟ فيقولون: لا فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، فيدعى محمد وأمته، فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم، فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا، فذلك قوله ﷿ ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ قال: عدلا ﴿لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾.

وقال أحمد أيضا: حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري عن النبي في قوله تعالى: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ قال عدلا.

وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه وابن أبي حاتم، من حديث عبد الواحد بن زياد عن أبي مالك الأشجعي عن المغيرة بن عتيبة بن نهاس، حدثني مكاتب لنا عن جابر بن عبد الله عن النبي قال: «أنا وأمتي يوم القيامة على كوم مشرفين على الخلائق، ما من الناس أحد إلا ود أنه منا وما من نبي كذبه قومه إلا ونحن نشهد أنه قد بلغ رسالة ربه ﷿».

وروى الحاكم في مستدركه وابن مردويه أيضا، واللفظ له من حديث مصعب بن ثابت عن محمد بن كعب القرظي عن جابر بن عبد الله قال: شهد رسول الله جنازة في بني مسلمة


(١) مسند أحمد (ج ٣ ص ٣٢)
(٢) مسند أحمد (ج ٣ ص ٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>