للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشحر (١)، قال ابن ماجة: باب إذا دعا فليبدأ بنفسه. حدثنا الحسين بن علي الخلال، حدثنا أبي، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله «يرحمنا الله وأخا عاد» (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ يعني وقد أرسل الله تعالى إلى من حول بلادهم من القرى مرسلين ومنذرين كقوله ﷿: ﴿فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها﴾ [البقرة: ٦٦] وكقوله جل وعلا: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ﴾ … ﴿إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [فصلت: ١٣ - ١٤] أي قال لهم هود ذلك فأجابه قومه قائلين ﴿أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا﴾ أي لتصدنا عن آلهتنا ﴿فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ استعجلوا عذاب الله وعقوبته استبعادا منهم وقوعه كقوله جلت عظمته ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها﴾ [الشورى: ١٨] ﴿قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ﴾ أي الله أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب فسيفعل ذلك بكم وأما أنا فمن شأني أني أبلغكم ما أرسلت به ﴿وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ﴾ أي لا تعقلون ولا تفهمون.

قال الله تعالى: ﴿فَلَمّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ﴾ أي لما رأوا العذاب مستقبلهم، اعتقدوا أنه عارض ممطر، ففرحوا واستبشروا به وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر.

قال الله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ أي هو العذاب الذي قلتم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ﴿تُدَمِّرُ﴾ أي تخرب ﴿كُلَّ شَيْءٍ﴾ من بلادهم مما من شأنه الخراب ﴿بِأَمْرِ رَبِّها﴾ أي بإذن الله لها في ذلك كقوله : ﴿ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ أي كالشيء البالي ولهذا قال ﷿: ﴿فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلاّ مَساكِنُهُمْ﴾ أي قد بادوا كلهم عن آخرهم ولم تبق لهم باقية.

﴿كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ أي هذا حكمنا فيمن كذب رسلنا وخالف أمرنا. وقد ورد حديث في قصتهم وهو غريب جدا من غرائب الحديث وأفراده. قال الإمام أحمد (٣): حدثنا زيد بن الحباب، حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي قال: حدثنا عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحارث البكري قال: خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله ، فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها فقالت لي: يا عبد الله إن لي إلى رسول الله حاجة، فهل أنت مبلغي إليه؟ قال فحملتها فأتيت بها المدينة، فإذا المسجد غاص بأهله، وإذا راية سواد تخفق، وإذا بلال ، متقلدا السيف بين يدي


(١) انظر تفسير الطبري ١١/ ٢٩١.
(٢) أخرجه ابن ماجة في الدعاء باب ٦.
(٣) المسند ٣/ ٤٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>