للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله ﷿: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ﴾ هذا إخبار بأنه لا إله إلا الله ولا يتأتى كونه آمرا بعلم ذلك، ولهذا عطف عليه قوله ﷿: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ﴾ وفي الصحيح: أن رسول الله كان يقول: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي» (١). وفي الصحيح أنه كان يقول في آخر الصلاة «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني أنت إلهي لا إله إلا أنت» (٢) وفي الصحيح أنه قال: «يا أيها الناس توبوا إلى ربكم فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» (٣).

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عاصم الأحول قال: سمعت عبد الله بن سرجس قال: أتيت رسول الله فأكلت معه من طعامه فقلت غفر الله لك يا رسول الله فقال : «ولك» فقلت أستغفر لك. فقال رسول الله : «نعم ولكم» وقرأ ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ﴾ ثم نظرت إلى نغض كتفه (٤) الأيمن-أو كتفه الأيسر شعبة الذي شك-فإذا هو كهيئة الجمع عليه الثآليل (٥)، ورواه مسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن عاصم الأحول به، وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو يعلى:

حدثنا محمد بن عون، حدثنا عثمان بن مطر، حدثنا عبد الغفور عن أبي نصيرة عن أبي رجاء عن أبي بكر الصديق عن رسول الله أنه قال: «عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار، فأكثروا منهما فإن إبليس قال: إنما أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، فهم يحسبون أنهم مهتدون».

وفي الأثر المروي «قال إبليس وعزتك وجلالك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم. فقال الله ﷿: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» (٦) والأحاديث في فضل الاستغفار كثيرة جدا. وقوله : ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ﴾ أي يعلم تصرفكم في نهاركم ومستقركم في ليلكم كقوله : ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ﴾ [الأنعام: ٦٠] وكقوله : ﴿وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاّ عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ﴾ [هود: ٦٠] وهذا القول ذهب


(١) أخرجه البخاري في الدعوات باب ٦١.
(٢) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٨، ٢٤، ومسلم في المسافرين حديث ٢٠١.
(٣) أخرجه البخاري في الدعوات باب ٣.
(٤) نغض الكتف: أعلى الكتف وقيل: هو العظم الرقيق الذي على طرفه.
(٥) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٨٢.
(٦) أخرجه في المسند ٣/ ٢٩، ٤١، ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>