للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طعامه، وتركت أهلي ومالي مهاجرا إلى الله ورسوله، فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها، ثم اضطجعت في أصلها في ظلها، فأتاني أربعة من مشركي أهل مكة، فجعلوا يقعون في رسول الله فأبغضتهم وتحولت إلى شجرة أخرى فعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا للمهاجرين قتل ابن زنيم! فاخترطت سيفي فشددت على أولئك الأربعة، وهم رقود، فأخذت سلاحهم وجعلته ضغثا في يدي ثم قلت: والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه! قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله قال: وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مركز من المشركين يقوده حتى وقفنا بهم على رسول الله في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله وقال: «دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه» فعفا عنهم رسول الله وأنزل الله ﷿: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ﴾ الآية، وهكذا رواه مسلم (١) عن إسحاق بن إبراهيم بن راهويه بسنده نحوه أو قريبا منه.

وثبت في الصحيحين من حديث أبي عوانة عن طارق عن سعيد بن المسيب قال: كان أبي ممن بايع رسول الله تحت الشجرة، قال: فانطلقنا من قابل حاجين فخفي علينا مكانها، فإن كان تبينت لكم فأنتم أعلم، وقال أبو بكر الحميدي: حدثنا سفيان، حدثنا أبو الزبير، حدثنا جابر قال، لما دعا رسول الله الناس إلى البيعة وجدنا رجلا منا يقال له الجد بن قيس مختبئا تحت إبط بعيره، رواه مسلم (٢) من حديث ابن جريج عن ابن الزبير به.

وقال الحميدي أيضا: حدثنا سفيان عن عمرو أنه سمع جابرا قال: كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله : «أنتم خير أهل الأرض اليوم» (٣) قال جابر : لو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة، قال سفيان إنهم اختلفوا في موضعها أخرجاه من حديث سفيان، وقال الإمام أحمد (٤): حدثنا يونس حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله أنه قال: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة».

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن هارون الفلاس المخرمي، حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي حدثنا محمد بن ثابت العبدي عن خداش بن عياش عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله : «يدخل من بايع تحت الشجرة كلهم الجنة إلا صاحب الجمل الأحمر» قال: فانطلقنا نبتدره فإذا رجل قد أضل بعيره فقلنا تعال فبايع. فقال: أصيب بعيري


(١) كتاب الجهاد حديث ١٣٢، وأخرجه أحمد في المسند ٤/ ٤٩.
(٢) كتاب الإمارة حديث ٦٩.
(٣) أخرجه البخاري في المغازي باب ٣٥.
(٤) المسند ٣/ ٣٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>