للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اصبر أبا جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب، قال: ويدني قائم السيف منه، قال يقول: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه. قال: فضن الرجل بأبيه، قال ونفذت القضية، فلما فرغا من الكتاب، وكان رسول الله يصلي في الحرم وهو مضطرب في الحل، قال: فقام رسول الله فقال: «يا أيها الناس انحروا واحلقوا» قال: فما قام أحد، قال ثم عاد بمثلها، فما قام رجل، حتى عاد بمثلها فما قام رجل، فرجع رسول الله فدخل على أم سلمة فقال «يا أم سلمة ما شأن الناس؟» قالت: يا رسول الله قد دخلهم ما رأيت، فلا تكلمن منهم إنسانا واعمد إلى هديك حيث كان فانحره واحلق، فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك، فخرج رسول الله لا يكلم أحدا حتى إذا أتى هديه فنحره ثم جلس فحلق، قال: فقام الناس ينحرون ويحلقون، قال حتى إذا كان بين مكة والمدينة في وسط الطريق نزلت سورة الفتح.

هكذا ساقه أحمد من هذا الوجه، وهكذا رواه يونس بن بكير وزياد البكائي عن ابن إسحاق (١) بنحوه وفيه إغراب.

وقد رواه أيضا عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به نحوه، وخالفه في أشياء، وقد رواه البخاري (٢) في صحيحه فساقه سياقة حسنة مطولة بزيادات جيدة، فقال في كتاب الشروط من صحيحه: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، أخبرني الزهري أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه، قالا: خرج رسول الله زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه.

فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره (٣) وأحرم منها بعمرة، وبعث عينا له من خزاعة وسار حتى إذا كان بغدير الأشطاط (٤) أتاه عينه فقال: إن قريشا قد جمعوا لك جموعا وقد جمعوا لك الأحابيش، وهم مقاتلوك وصادوك ومانعوك. فقال : «أشيروا أيها الناس علي، أترون أن نميل على عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت؟» وفي لفظ:

«أترون أن نميل على ذراري هؤلاء الذين أعانوهم، فإن يأتونا كان الله قد قطع عنقا من المشركين، وإلا تركناهم محزونين»، وفي لفظ «فإن قعدوا قعدوا موتورين مجهودين


(١) انظر سيرة ابن هشام ٢/ ٣١٦، ٣١٩.
(٢) كتاب المغازي باب ٣٥.
(٣) إشعار الهدي: أن يشق أحد جانبي سنام البدنة حتى يسيل دمها، ويجعل ذلك علامة يعرف بها بأنها هدي، وتقليد الهدي: أن يجعل في عنقها ما يعلم به أنها هدي.
(٤) غدير الأشطاط: موضع قريب من عسفان.

<<  <  ج: ص:  >  >>