للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن جرير (١): حدثنا أبو كريب، حدثنا جعفر بن عون عن موسى بن عبيدة عن ثابت مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: بعث رسول الله رجلا في صدقات بني المصطلق بعد الوقيعة فسمع بذلك القوم فتلقوه يعظمون أمر رسول الله قالت فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله، قالت فرجع إلى رسول الله فقال: إن بني المصطلق قد منعوني صدقاتهم. فغضب رسول الله والمسلمون، قالت فبلغ القوم رجوعه، فأتوا رسول الله فصفوا له حين صلى الظهر، فقالوا: نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله، بعثت إلينا رجلا مصدقا (٢) فسررنا بذلك وقرت به أعيننا، ثم إنه رجع من بعض الطريق فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله تعالى ومن رسوله ، فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال فأذن بصلاة العصر قالت ونزلت ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ﴾.

وروى ابن جرير (٣) أيضا من طريق العوفي عن ابن عباس في هذه الآية قال: كان رسول الله بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات، وإنهم لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا يتلقون رسول رسول الله ، وإنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع الوليد إلى رسول الله ، فقال: يا رسول الله إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة، فغضب رسول الله من ذلك غضبا شديدا، فبينا هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد فقالوا: يا رسول الله، إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق، وإنا خشينا أن ما رده كتاب جاء منك لغضب غضبته علينا، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله، وإن النبي استغشهم وهم بهم، فأنزل الله عذرهم في الكتاب فقال: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ إلى آخر الآية.

وقال مجاهد وقتادة: أرسل رسول الله الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق ليصدقهم، فتلقوه بالصدقة فرجع فقال إن بني المصطلق قد جمعت لك لتقاتلك، زاد قتادة: وإنهم قد ارتدوا عن الإسلام. فبعث رسول الله خالد بن الوليد إليهم، وأمره أن يتثبت ولا يعجل، فانطلق حتى أتاهم ليلا فبعث عيونه فلما جاءوا أخبروا خالدا أنهم مستمسكون بالإسلام، وسمعوا أذانهم وصلاتهم، فلما أصبحوا أتاهم خالد فرأى الذي يعجبه فرجع إلى رسول الله فأخبره الخبر فأنزل الله تعالى هذه الآية. قال قتادة: فكان رسول الله يقول «التثبت من الله والعجلة من الشيطان» (٤) وكذا ذكر غير واحد من السلف


(١) تفسير الطبري ١١/ ٣٨٣.
(٢) المصدّق: جامع الزكاة.
(٣) تفسير الطبري ١١/ ٣٨٣، ٣٨٤.
(٤) انظر تفسير الطبري ١١/ ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>