للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهدي، عن سلمان : سئل رسول الله عن السمن والجبن والفراء، فقال «الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه».

وكذلك حرم عليهم لحم الخنزير سواء ذكي أم مات حتف أنفه، ويدخل شحمه في حكم لحمه إما تغليبا أو أن اللحم يشمل ذلك أو بطريق القياس على رأي وكذلك حرم عليهم ما أهل به لغير الله، وهو ما ذبح على غير اسمه تعالى من الأنصاب والأنداد والأزلام ونحو ذلك مما كانت الجاهلية ينحرون له.

وذكر القرطبي (١) عن ابن عطية أنه نقل عن الحسن البصري: أنه سئل عن امرأة عملت عرسا للعبها فنحرت فيه جزورا، فقال: لا تؤكل لأنها ذبحت لصنم، وأورد القرطبي عن عائشة : أنها سئلت عما يذبحه العجم لأعيادهم فيهدون منه للمسلمين فقالت: ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا منه، وكلوا من أشجارهم.

ثم أباح تعالى تناول ذلك عند الضرورة والاحتياج إليها عند فقد غيرها من الأطعمة، فقال ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ﴾ أي في غير بغي ولا عدوان وهو مجاوزة الحد ﴿فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ أي في أكل ذلك ﴿إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، وقال مجاهد: فمن اضطر غير باغ ولا عاد، قاطعا للسبيل أو مفارقا للأئمة، أو خارجا في معصية الله، فله الرخصة، ومن خرج باغيا أو عاديا أو في معصية الله، فلا رخصة له وإن اضطر إليه، وكذا روي عن سعيد، بن جبير. وقال سعيد في رواية عنه ومقاتل بن حيان: غير باغ يعني غير مستحلة، وقال السدي: غير باغ، يبتغي فيه شهوته، وقال آدم بن أبي إياس: حدثنا ضمرة عن عثمان بن عطاء وهو الخراساني، عن أبيه، في قوله ﴿غَيْرَ باغٍ﴾ قال: لا يشوي من الميتة ليشتهيه، ولا يطبخه، ولا يأكل إلا العلقة، ويحمل معه ما يبلغه الحلال، فإذا بلغه ألقاه، وهو قوله ﴿وَلا عادٍ﴾ ويقول لا يعدو به الحلال، وعن ابن عباس: لا يشبع منها، وفسره السدي بالعدوان، وعن ابن عباس ﴿غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ﴾ قال ﴿غَيْرَ باغٍ﴾ في الميتة ولا عاد في أكله، وقال قتادة: فمن اضطر غير باغ ولا عاد، قال: غير باغ في الميتة أي في أكله أن يتعدى حلالا إلى حرام وهو يجد عنه مندوحة، وحكى القرطبي عن مجاهد في قوله: فمن اضطر، أي أكره على ذلك بغير اختياره.

[مسألة] إذا وجد المضطر ميتة وطعام الغير بحيث لا قطع فيه ولا أذى، فإنه لا يحل له أكل الميتة بل يأكل طعام الغير بغير خلاف-كذا قال (٢) -ثم قال: وإذا أكله، والحالة هذه، هل يضمن أم لا؟ فيه قولان هما روايتان عن مالك، ثم أورد (٣) من سنن ابن ماجة من حديث شعبة


(١) تفسير القرطبي ٢/ ٢٢٤.
(٢) أي القرطبي.
(٣) تفسير القرطبي ٢/ ٢٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>