للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والكتاب) وهو اسم جنس يشمل الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء، حتى ختمت بأشرفها وهو القرآن المهيمن على ما قبله من الكتب الذي انتهى إليه كل خير، واشتمل على كل سعادة في الدنيا والآخرة ونسخ به كل ما سواه من الكتب قبله، وآمن بأنبياء الله كلهم من أولهم إلى خاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.

وقوله ﴿وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ﴾ أي أخرجه وهو محب له راغب فيه، نص على ذلك ابن مسعود وسعيد بن جبير وغيرهما من السلف والخلف، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا: «أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل الغنى وتخشى الفقر» (١).

وقد روى الحاكم في مستدركه من حديث شعبة والثوري عن منصور، عن زبيد، عن مرة، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﴿وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ﴾ أن تعطيه وأنت صحيح شحيح، تأمل العيش وتخشى الفقر» ثم قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

(قلت) وقد رواه وكيع عن الأعمش، وسفيان عن زبيد، عن مرة، عن ابن مسعود موقوفا، وهو أصح، والله أعلم.

وقال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً. إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً﴾ [الإنسان: ٨ - ٩] وقال تعالى: ﴿لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢] وقوله: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ﴾ [الحشر: ٩] نمط آخر أرفع من هذا، وهو أنهم آثروا بما هم مضطرون إليه وهؤلاء أعطوا وأطعموا ما هم محبون له.

وقوله: ﴿ذَوِي الْقُرْبى﴾ وهم قرابات الرجل وهم أولى من أعطي من الصدقة كما ثبت في الحديث «الصدقة على المساكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة، فهم أولى الناس بك وببرك وإعطائك» وقد أمر الله تعالى بالإحسان إليهم في غير موضع من كتابه العزيز.

﴿وَالْيَتامى﴾ هم الذين لا كاسب لهم، وقد مات آباؤهم وهم ضعفاء صغار دون البلوغ والقدرة على التكسب، وقد قال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن جويبر، عن الضحاك عن النزال بن سبرة، عن علي، عن رسول الله قال: «لا يتم بعد حلم».

﴿وَالْمَساكِينَ﴾ وهم الذين لا يجدون ما يكفيهم في قوتهم وكسوتهم وسكناهم، فيعطون ما تسد به حاجتهم وخلتهم، وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله ، قال: «ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه» (٢).


(١) أخرجه البخاري (نفقات باب ٢) ومسلم (زكاة حديث ٩٥)
(٢) أخرجه البخاري (تفسير سورة ٢ باب ٤٨؛ وزكاة باب ٥٣) وأبو داود (زكاة باب ٢٤) والنسائي (زكاة باب ٧٦) والدارمي (زكاة باب ٢) ومالك في الموطأ (صفة النبي حديث ٢٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>