للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإبل، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن إيجاف بابه فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به، فخرجوا إلى خبير ومنهم من سار إلى الشام وخلوا الأموال لرسول الله ، فكانت لرسول الله خاصة يضعها حيث يشاء، فقسمها على المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا سهل بن حنيف وأبا دجانة-سماك بن خرشة-ذكرا فقرا فأعطاهما رسول الله ، قال: ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: يامين بن عمرو بن كعب بن عمرو بن جحاش وأبو سعد بن وهب أسلما على أموالهما فأحرزاها.

قال ابن إسحاق: وقد حدثني بعض آل يامين أن رسول الله قال ليامين: «ألم تر ما لقيت من ابن عمك وما هم به من شأني» فجعل يامين بن عمرو لرجل جعلا على أن يقتل عمرو بن جحاش فقتله فيما يزعمون. قال ابن إسحاق: ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها وهكذا روى يونس بن بكير عن ابن إسحاق بنحو ما تقدم.

فقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ﴾ يعني بني النضير ﴿مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان عن أبي سعد عن عكرمة عن ابن عباس قال: من شك في أن أرض المحشر هاهنا يعني الشام فليقرأ هذه الآية ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾ قال لهم رسول الله «اخرجوا» قالوا: إلى أين؟ قال: «إلى أرض المحشر» وحدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة عن عوف عن الحسن قال: لما أجلى رسول الله بني النضير قال: «هذا أول الحشر وإنا على الأثر» ورواه ابن جرير (١) عن بندار عن ابن أبي عدي عن عوف عن الحسن به.

وقوله تعالى: ﴿ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا﴾ أي في مدة حصاركم لهم وقصرها وكانت ستة أيام مع شدة حصونهم ومنعتها، ولهذا قال تعالى: ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾ أي جاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال كما قال تعالى في الآية الأخرى: ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ﴾ [النحل: ٢٦].

وقوله تعالى: ﴿وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ أي الخوف والهلع والجزع وكيف لا يحصل لهم ذلك وقد حاصرهم الذي نصر بالرعب مسيرة شهر صلوات الله وسلامه عليه. وقوله:

﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ قد تقدم تفسير ابن إسحاق لذلك، وهو نقض ما استحسنوه من سقوفهم وأبوابهم وتحملها على الإبل، وكذلك قال عروة بن الزبير وعبد الرّحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد، وقال مقاتل بن حيان كان رسول الله يقاتلهم فإذا ظهر على درب أو دار هدم حيطانها ليتسع المكان للقتال، وكان اليهود إذا علوا مكانا أو


(١) تفسير الطبري ١٢/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>