للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ﴾ أي ها اقرءوا كتابيه وؤم زائدة كذا قال، والظاهر أنها بمعنى هاكم.

وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا بشر بن مطر الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عاصم الأحول عن أبي عثمان قال: المؤمن يعطى كتابه بيمينه في ستر من الله فيقرأ سيئاته، فكلما قرأ سيئة تغير لونه حتى يمر بحسناته فيقرؤها فيرجع إليه لونه، ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات، قال: فعند ذلك يقول: ﴿هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ﴾. وحدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن الوليد بن سلمة، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا موسى بن عبيدة، أخبرني عبد الله بن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: إن الله يوقف عبده يوم القيامة فيبدي أي يظهر سيئاته في ظهر صحيفته فيقول له أنت عملت هذا، فيقول نعم أي رب، فيقول له إني لم أفضحك به وإني قد غفرت لك فيقول عند ذلك ﴿هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ﴾ حين نجا من فضيحته يوم القيامة.

وقد تقدم في الصحيح حديث ابن عمر حين سئل عن النجوى فقال: سمعت رسول الله يقول: «يدني الله العبد يوم القيامة فيقرره بذنوبه كلها حتى إذا رأى أنه قد هلك قال الله تعالى إني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» (١) وقوله تعالى: ﴿إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ﴾ أي قد كنت موقنا في الدنيا أن هذا اليوم كائن لا محالة كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٤٦] قال الله تعالى: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ﴾ أي مرضية ﴿فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ﴾ أي رفيعة قصورها، حسان حورها، نعيمة دورها، دائم حبورها.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو عتبة الحسن بن علي بن مسلم السكوني، حدثنا إسماعيل بن عياش عن سعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام الأسود قال:

سمعت أبا أمامة قال: سأل رجل رسول الله : هل يتزاور أهل الجنة؟ قال «نعم إنه ليهبط أهل الدرجة العليا إلى أهل الدرجة السفلى فيحيونهم ويسلمون عليهم، ولا يستطيع أهل الدرجة السفلى يصعدون إلى الأعلين تقصر بهم أعمالهم». وقد ثبت في الصحيح «إن الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض» (٢). وقال تعالى: ﴿قُطُوفُها دانِيَةٌ﴾ قال البراء بن عازب: أي قريبة يتناولها أحدهم وهو نائم على سريره، وكذا قال غير واحد.

قال الطبراني عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عبد الرّحمن بن زياد بن أنعم عن عطاء بن يسار عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله : «لا يدخل أحد الجنة إلا بجواز:


(١) أخرجه البخاري في المظالم باب ٢، وابن ماجة في المقدمة باب ١٣، وأحمد في المسند ٢/ ٧٤.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>