للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النضر بن الحارث بن كلدة وقال العوفي عن ابن عباس ﴿سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ﴾ قال: «ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله» وهو واقع بهم (١)، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى:

﴿سَأَلَ سائِلٌ﴾ دعا داع بعذاب واقع يقع في الآخرة قال وهو قولهم ﴿اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾ [الأنفال: ٣٢] وقال ابن زيد وغيره ﴿سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ﴾ أي واد في جهنم يسيل يوم القيامة بالعذاب وهذا القول ضعيف بعيد عن المراد، والصحيح الأول لدلالة السياق عليه.

وقوله تعالى: ﴿واقِعٍ لِلْكافِرينَ﴾ أي مرصد معد للكافرين، وقال ابن عباس: واقع جاء ﴿لَيْسَ لَهُ دافِعٌ﴾ أي لا دافع له إذا أراد الله كونه ولهذا قال تعالى: ﴿مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ﴾ قال الثوري عن الأعمش عن رجل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ذِي الْمَعارِجِ﴾ قال: ذو الدرجات، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿ذِي الْمَعارِجِ﴾ يعني العلو والفواضل، وقال مجاهد: ﴿ذِي الْمَعارِجِ﴾ معارج السماء، وقال قتادة: ذي الفواضل والنعم. وقوله تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ﴿تَعْرُجُ﴾ تصعد، وأما الروح فقال أبو صالح: هم خلق من خلق الله يشبهون الناس وليسوا ناسا.

قلت ويحتمل أن يكون المراد به جبريل ويكون من باب عطف الخاص على العام، ويحتمل أن يكون اسم جنس لأرواح بني آدم فإنها إذا قبضت يصعد بها إلى السماء كما دل عليه حديث البراء، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث المنهال عن زاذان عن البراء مرفوعا الحديث بطوله في قبض الروح الطيبة قال فيه: «فلا يزال يصعد بها من سماء إلى سماء حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله» والله أعلم بصحته.

فقد تكلم في بعض رواته ولكنه مشهور، وله شاهد في حديث أبي هريرة فيما تقدم من رواية الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة من طريق ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عنه، وهذا إسناد رجاله على شرط الجماعة، وقد بسطنا لفظه عند قوله تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ﴾ [إبراهيم: ٢٧].

وقوله تعالى: ﴿فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ فيه أربعة أقوال: [أحدها] أن المراد بذلك مسافة ما بين العرش العظيم إلى أسفل السافلين، وهو قرار الأرض السابعة وذلك مسيرة خمسين ألف سنة، هذا ارتفاع العرش عن المركز الذي في وسط الأرض السابعة، وكذلك اتساع العرش من قطر إلى قطر مسيرة خمسين ألف سنة، وإنه من ياقوتة حمراء كما ذكره ابن


(١) تفسير الطبري ١٢/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>