للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه … فكل رداء يرتديه جميل (١)

وقال العوفي عن ابن عباس ﴿وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ﴾ يعني لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب، ويقال: لا تلبس ثيابك على معصية، وقال محمد بن سيرين ﴿وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ﴾ أي اغسلها بالماء، وقال ابن زيد: كان المشركون لا يتطهرون فأمره الله أن يتطهر وأن يطهر ثيابه، وهذا القول اختاره ابن جرير، وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب، فإن العرب تطلق الثياب عليه كما قال امرؤ القيس: [الطويل] أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل … وإن كنت قد أزمعت هجري فأجملي (٢)

وإن تك قد ساءتك مني خليقة … فسلّي ثيابي من ثيابك تنسل

وقال سعيد بن جبير ﴿وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ﴾ وقلبك ونيتك فطهر، وقال محمد بن كعب القرظي والحسن البصري: وخلقك فحسن، وقوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿وَالرُّجْزَ﴾ وهو الأصنام فاهجر، وكذا قال مجاهد وعكرمة وقتادة والزهري وابن زيد: إنها الأوثان، وقال إبراهيم والضحاك ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ أي اترك المعصية، وعلى كل تقدير فلا يلزم تلبسه بشيء من ذلك كقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ﴾ [الأحزاب: ١] ﴿وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾. [الأعراف: ١٤٢].

وقوله تعالى: ﴿وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ قال ابن عباس: لا تعط العطية تلتمس أكثر منها، وكذا قال عكرمة ومجاهد وعطاء وطاوس وأبو الأحوص وإبراهيم النخعي والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم، وروي عن ابن مسعود أنه قرأ «ولا تمنن أن تستكثر» وقال الحسن البصري: لا تمنن بعملك على ربك تستكثره وكذا قال الربيع بن أنس واختاره ابن جرير، وقال خصيف عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ قال: لا تضعف أن تستكثر من الخير، قال: تمنن في كلام العرب تضعف، وقال ابن زيد: لا تمنن بالنبوة على الناس تستكثرهم بها تأخذ عليه


(١) البيت للسموأل في ديوانه ص ٩٠، وشرح شواهد المغني ٢/ ٥٣١، ومغني اللبيب ١/ ١٩٦، وله أو لعبد الملك بن عبد الرّحيم الحارثي المعروف بالجلاح الحارثي في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١١٠، والمقاصد النحوية ٢/ ٧٦، ولدكين بن رجاء في الشعر والشعراء ٢/ ٦١٢.
(٢) البيت لامرئ القيس في ديوانه ص ١٢، ١٣، والبيت الأول في الجنى الداني ص ٣٥، وخزانة الأدب ١١/ ٢٢٢، والدرر ٣/ ١٦، وشرح شواهد المغني ١/ ٢٠، والمقاصد النحوية ٤/ ٢٨٩، وتاج العروس (عنز)، (زمع)، (دلل)، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤/ ٦٧، ورصف المباني ص ٥٢، وشرح الأشموني ٢/ ٤٦٧، ومغني اللبيب ١/ ١٣، وهمع الهوامع ١/ ١٧٢، والبيت الثاني في أساس البلاغة (ثوب)، وكتاب الجيم ٧/ ٢٥٧، ولسان العرب (ثوب)، وبلا نسبة في لسان العرب (نظف)، وتاج العروس (ثوب)

<<  <  ج: ص:  >  >>