للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صالح وحماد بن أبي سليمان والضحاك في قوله جلا وعلا: ﴿وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ أي تناثرت، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ أي تغيرت.

وقال يزيد بن أبي مريم عن النبي : ﴿وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾ قال «انكدرت» في جهنم وكل من عبد من دون الله فهو في جهنم إلا ما كان من عيسى وأمه ولو رضيا أن يعبدا لدخلاها» رواه ابن أبي حاتم بالإسناد المتقدم.

وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ﴾ أي زالت عن أماكنها ونسفت فتركت الأرض قاعا صفصفا وقوله: ﴿وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ﴾ قال عكرمة ومجاهد: عشار الإبل، قال مجاهد:

﴿عُطِّلَتْ﴾ تركت وسيبت وقال أبي بن كعب والضحاك، أهملها أهلها، وقال الربيع بن خثيم:

لم تحلب ولم تصر تخلى منها أربابها، وقال الضحاك: تركت لا راعي لها والمعنى في هذا كله متقارب، والمقصود أن العشار من الإبل وهي خيارها والحوامل منها التي قد وصلت في حملها إلى الشهر العاشر-واحدتها عشراء ولا يزال ذلك اسمها حتى تضع-قد اشتغل الناس عنها وعن كفالتها والانتفاع بها بعد ما كانوا أرغب شيء فيها بما دهمهم من الأمر العظيم المفظع الهائل، وهو أمر يوم القيامة وانعقاد أسبابها ووقوع مقدماتها وقيل بل يكون ذلك يوم القيامة يراها أصحابها كذلك لا سبيل لهم إليها، وقد قيل في العشار إنها السحاب تعطل عن المسير بين السماء والأرض لخراب الدنيا وقيل إنها الأرض التي تعشر، وقيل إنها الديار التي كانت تسكن تعطلت لذهاب أهلها. حكى هذه الأقوال كلها الإمام أبو عبد الله القرطبي في كتابه التذكرة ورجح أنها الإبل وعزاه إلى أكثر الناس. (قلت): لا يعرف عن السلف والأئمة سواه والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ أي جمعت كما قال تعالى: ﴿وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنعام: ٣٨] قال ابن عباس: يحشر كل شيء حتى الذباب رواه ابن أبي حاتم، وكذا قال الربيع بن خثيم والسدي وغير واحد، وكذا قال قتادة في تفسير هذه الآية إن هذه الخلائق موافية فيقضي الله فيها ما يشاء، وقال عكرمة حشرها موتها.

وقال ابن جرير (١): حدثني علي بن مسلم الطوسي حدثنا عباد بن العوام حدثنا حصين عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ قال حشر البهائم موتها، وحشر كل شيء الموت غير الجن والإنس فإنهما يوقفان يوم القيامة، حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن الربيع بن خثيم ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ قال أتى عليها أمر الله، قال سفيان قال أبي فذكرته لعكرمة فقال قال ابن عباس حشرها موتها، وقد تقدم عن أبي بن كعب أنه قال


(١) تفسير الطبري ١٢/ ٤٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>