للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ أي ما غرك بالرب الكريم ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ أي جعلك سويا مستقيما معتدل القامة منتصبها في أحسن الهيئات والأشكال.

قال الإمام أحمد (١): حدثنا أبو النضر، حدثنا حريز، حدثني عبد الرّحمن بن ميسرة عن جبير بن نفير، عن بسر بن جحاش القرشي أن رسول الله بصق يوما في كفه فوضع عليها إصبعه ثم قال: «قال الله ﷿: يا ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه؟ حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة؟» وكذا رواه ابن ماجة (٢) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، عن حريز بن عثمان به. قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي وتابعه يحيى بن حمزة عن ثور بن يزيد عن عبد الرّحمن بن ميسرة.

وقوله تعالى: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ﴾ قال مجاهد: في أي شبه أب أو أم أو خال أو عم. وقال ابن جرير (٣): حدثني محمد بن سنان القزاز، حدثنا مطهر بن الهيثم، حدثنا موسى بن علي بن رباح، حدثني أبي عن جدي أن النبي قال له: «ما ولد لك؟» قال:

يا رسول الله ما عسى أن يولد لي إما غلام وإما جارية. قال «فمن يشبه؟» قال: يا رسول الله من عسى أن يشبه إما أباه وإما أمه. فقال النبي عندها: «مه لا تقولن هكذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله تعالى كل نسب بينها وبين آدم؟ أما قرأت هذه الآية في كتاب الله تعالى ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ﴾ قال: شكلك.

وهكذا رواه ابن أبي حاتم والطبراني من حديث مطهر بن الهيثم به، وهذا الحديث لو صح لكان فيصلا في هذه الآية ولكن إسناده ليس بالثابت، لأن مطهر بن الهيثم قال فيه أبو سعيد بن يونس كان متروك الحديث، وقال ابن حبان، يروي عن موسى بن علي وغيره ما لا يشبه حديث الأثبات، ولكن في الصحيحين عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود، قال «هل لك من إبل؟» قال نعم، قال: «فما ألوانها» قال: حمر، قال: «فهل فيها من أورق» قال: نعم، قال: «فأنى أتاها ذلك» قال: عسى أن يكون نزعة عرق. قال:

«وهذا عسى أن يكون نزعة عرق» (٤).

وقد قال عكرمة في قوله تعالى: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ﴾ إن شاء في صورة قرد وإن شاء في صورة خنزير، وكذا قال أبو صالح ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ﴾ إن شاء في صورة


(١) المسند ٤/ ٢١٠.
(٢) كتاب الوصايا باب ٤.
(٣) تفسير الطبري ١٢/ ٤٧٩، ٤٨٠.
(٤) أخرجه البخاري في الطلاق باب ٢٦، ومسلم في اللعان حديث ١٨، ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>