للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستوسقات لو يجدن سائقا «١»

وقد قَالَ عِكْرِمَةُ: وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ يَقُولُ مَا سَاقَ مِنْ ظُلْمَةٍ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ كل شيء إلى مأواه، وقوله تعالى: وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا اجْتَمَعَ وَاسْتَوَى، وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَسْرُوقٌ وَأَبُو صَالِحٍ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ إِذَا اسْتَوَى. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا اجْتَمَعَ إِذَا امْتَلَأَ، وَقَالَ قَتَادَةُ إِذَا اسْتَدَارَ وَمَعْنَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إِذَا تَكَامَلَ نُورُهُ وَأَبْدَرَ جَعَلَهُ مُقَابِلًا لِلَّيْلِ وَمَا وَسَقَ.

وقوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ حَالًا بَعْدَ حَالٍ قَالَ هَذَا نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٢» ، هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَسْنَدَ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ نَبِيُّكُمْ مَرْفُوعًا عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ مِنْ قَالَ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَمَا قَالَ أَنَسٌ: لَا يَأْتِي عَامٍ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «٣» : حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قَالَ يَعْنِي نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ حَالًا بَعْدَ حَالٍ. وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُرَّةُ الطَّيِّبُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَمَسْرُوقٌ وَأَبُو صَالِحٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ حَالًا بَعْدَ حَالٍ، قَالَ هَذَا يَعْنِي الْمُرَادُ بِهَذَا نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ مَرْفُوعًا عَلَى أَنَّ هَذَا، ونبيكم يُكَوَّنَانِ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَعَلَّ هَذَا قَدْ يَكُونُ هُوَ الْمُتَبَادَرُ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الرُّوَاةِ كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَغُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم ويؤيد هذا المعنى قراءة عمرو ابن مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَامَّةِ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْكُوفَةِ لَتَرْكَبُنَّ بفتح التاء والباء.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشَّعْبِيِّ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قَالَ: لَتَرْكَبُنَّ يَا مُحَمَّدُ سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءً. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَسْرُوقٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ سَمَاءً بَعْدَ سَمَاءٍ (قُلْتُ) : يَعْنُونَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَالسُّدِّيُّ عَنْ رَجُلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ منزلا على منزل، وكذا


(١) الرجز للعجاج في ديوانه ٢/ ٣٠٧، وتاج العروس (وسق) ، ولسان العرب (وسق) ، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ٩/ ٢٣٥، وديوان الأدب ٣/ ٢٨٣، ولسان العرب (وسق) ، وتفسير الطبري ١٢/ ٥١١. [.....]
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٨٤، باب ٢.
(٣) تفسير الطبري ١٢/ ٥١٣، ٥١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>