للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن أبي بكر بن نمير بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن عبد الرحمن الأسود بن عبد يغوث، أخبره أنهم حاصروا دمشق فانطلق رجل من أزد شنوءة، فأسرع إلى العدو وحده ليستقبل، فعاب ذلك عليه المسلمون، ورفعوا حديثه إلى عمرو بن العاص، فأرسل إليه عمرو فرده، وقال عمرو: قال الله: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.

وقال عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، في قوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾، قال: ليس ذلك في القتال، إنما هو في النفقة أن تمسك بيدك عن النفقة في سبيل الله ولا تلق بيدك إلى التهلكة.

قال حماد بن سلمة، عن داود، عن الشعبي عن الضحاك بن أبي جبير، قال: كانت الأنصار يتصدقون وينفقون من أموالهم، فأصابتهم سنة فأمسكوا عن النفقة في سبيل الله، فنزلت:

﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.

وقال الحسن البصري ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ قال: هو البخل.

وقال سماك بن حرب عن النعمان بن بشير، في قوله: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾، أن يذنب الرجل الذنب فيقول: لا يغفر لي، فأنزل الله: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ رواه ابن مردويه.

وقال ابن أبي حاتم: وروي عن عبيدة السلماني والحسن وابن سيرين وأبي قلابة نحو ذلك، يعني نحو قول النعمان بن بشير، أنها في الرجل يذنب الذنب فيعتقد أنه لا يغفر له، فيلقي بيده إلى التهلكة، أي يستكثر من الذنوب فيهلك. ولهذا روى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:

التهلكة عذاب الله.

وقال ابن أبي حاتم وابن جرير (١)، جميعا حدثنا يونس حدثنا ابن وهب، أخبرني أبو صخر عن القرظي محمد بن كعب، أنه كان يقول في هذه الآية: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ قال: كان القوم في سبيل الله، فيتزود الرجل، فكان أفضل زادا من الآخر، أنفق البائس من زاده حتى لا يبقى من زاده شيء، أحب أن يواسي صاحبه فأنزل الله ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾.

وقال ابن وهب أيضا: أخبرني عبد الله بن عياش عن زيد بن أسلم في قول الله ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ وذلك أن رجالا يخرجون في بعوث يبعثها رسول الله ، بغير نفقة، فإما أن يقطع بهم وإما كانوا عيالا، فأمرهم الله أن يستنفقوا من المشي. وقال لمن بيده فضل ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.


(١) تفسير الطبري ٢/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>