للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقعد عمر وأقبل رسول الله يحدثهما ثم قال: «هل بكما من قوة تنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاما وشرابا وظلا؟» قلنا: نعم.

قال: «مروا بنا إلى منزل ابن التيهان أبي الهيثم الأنصاري» قال: فتقدم رسول الله بين أيدينا فسلم واستأذن ثلاث مرات، وأم الهيثم من وراء الباب تسمع الكلام تريد أن يزيدها رسول الله من السّلام، فلما أراد أن ينصرف خرجت أم الهيثم تسعى خلفهم فقالت:

يا رسول الله قد والله سمعت تسليمك ولكن أردت أن تزيدني من سلامك، فقال لها رسول الله : «خيرا» ثم قال: «أين أبو الهيثم لا أراه؟» قالت: يا رسول الله هو قريب ذهب يستعذب الماء، ادخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء الله فبسطت بساطا تحت شجرة، فجاء أبو الهيثم ففرح بهم وقرّت عيناه بهم، فصعد على نخلة فصرم لهم أعذاقا فقال له رسول الله :

«حسبك يا أبا الهيثم» فقال: يا رسول الله تأكلون من بسره ومن رطبه ومن تذنوبه، ثم أتاهم بماء فشربوا عليه، فقال رسول الله : «هذا من النعيم الذي تسألون عنه»، هذا غريب من هذا الوجه.

وقال ابن جرير (١): حدثني الحسين بن علي الصدائي، حدثنا الوليد بن القاسم عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: بينما أبو بكر وعمر جالسان إذ جاءهما النبي فقال: «ما أجلسكما هاهنا؟» قالا: والذي بعثك بالحق ما أخرجنا من بيوتنا إلا الجوع. قال: «والذي بعثني بالحق ما أخرجني غيره» فانطلقوا حتى أتوا بيت رجل من الأنصار، فاستقبلتهم المرأة فقال لها النبي : «أين فلان؟» فقالت: ذهب يستعذب لنا ماء، فجاء صاحبهم يحمل قربته فقال: مرحبا، ما زار العباد شيء أفضل من نبي زارني اليوم، فعلق قربته بكرب نخلة وانطلق فجاءهم بعذق، فقال النبي : «ألا كنت اجتنيت؟» فقال: أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم، ثم أخذ الشفرة فقال له النبي : «إياك والحلوب» فذبح لهم يومئذ فأكلوا، فقال له النبي «لتسألن عن هذا يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع فلم ترجعوا حتى أصبتم هذا فهذا من النعيم» (٢) ورواه مسلم من حديث يزيد بن كيسان به، ورواه أبو يعلى وابن ماجة من حديث المحاربي عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة عن أبي بكر الصديق به، وقد رواه أهل السنن الأربعة من حديث عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة بنحو من هذا السياق وهذه القصة.

وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا سريج، حدثنا حشرج عن أبي نصيرة عن أبي عسيب، يعني مولى رسول الله قال: خرج رسول الله ليلا فمر بي فدعاني فخرجت إليه، ثم مر بأبي


(١) تفسير الطبري ١٢/ ٦٨١، وفيه الحسن بن علي الصدائي.
(٢) أخرجه مسلم في الأشربة حديث ١٤٠، وابن ماجة في الذبائح باب ٧.
(٣) المسند ٥/ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>