للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحديث عند البخاري ونص سعيد بن جبير على أنه من خصائصها، والله أعلم.

وقال السدي في قوله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾ أي أقيموا الحج والعمرة، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾، يقول: من أحرم بحج أو بعمرة فليس له أن يحل، حتى يتمهما تمام الحج، يوم النحر إذا رمى جمرة العقبة، وطاف بالبيت وبالصفا والمروة فقد حل. وقال قتادة عن زرارة، عن ابن عباس أنه قال: الحج عرفة، والعمرة الطواف، وكذا روى الأعمش عن إبراهيم عن علقمة في قوله: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾، قال: هي قراءة عبد الله وأتموا الحج والعمرة إلى البيت لا يجاوز بالعمرة البيت. قال إبراهيم:

فذكرت ذلك لسعيد بن جبير، فقال: كذلك قال ابن عباس. وقال سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة أنه قال: وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت، وكذا روى الثوري أيضا، عن إبراهيم عن منصور عن إبراهيم، أنه قرأ: «وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت». وقرأ الشعبي:

﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾ برفع العمرة، وقال: ليست بواجبة. وروي عنه خلاف ذلك، وقد وردت أحاديث كثيرة من طرق متعددة، عن أنس وجماعة من الصحابة، أن رسول الله ، جمع في إحرامه بحج وعمرة، وثبت عنه في الصحيح أنه قال لأصحابه: «من كان معه هدي فليهل بحج وعمرة»، وقال في الصحيح أيضا: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة».

وقد روى الإمام أبو محمد بن أبي حاتم في سبب نزول هذه الآية حديثا غريبا، فقال: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا أبو عبد الله الهروي، حدثنا غسان الهروي، حدثنا إبراهيم ابن طهمان، عن عطاء عن صفوان بن أمية، أنه قال: جاء رجل إلى النبي متضمخ بالزعفران، عليه جبة، فقال: كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي قال: فأنزل الله ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾ فقال رسول الله «أين السائل عن العمرة»؟ فقال: ها أنا ذا، فقال له «ألق عنك ثيابك ثم اغتسل واستنشق ما استطعت، ثم ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك» هذا حديث غريب وسياق عجيب، والذي ورد في الصحيحين عن يعلى بن أمية في قصة الرجل الذي سأل النبي وهو بالجعرانة، فقال: كيف ترى في رجل أحرم بالعمرة وعليه جبة وخلوق (١)؟ فسكت رسول الله ، ثم جاءه الوحي ثم رفع رأسه فقال: أين السائل؟ فقال ها أنا ذا، فقال «أما الجبة فانزعها، وأما الطيب الذي بك فاغسله، ثم ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك» ولم يذكر فيه الغسل والاستنشاق، ولا ذكر نزول هذه الآية، وهو عن يعلى بن أمية لا صفوان بن أمية، فالله أعلم.

وقوله ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ ذكروا أن هذه الآية نزلت في سنة ست، أي عام الحديبية حين حال المشركون بين رسول الله وبين الوصول إلى البيت، وأنزل الله في ذلك


(١) الخلوق: ضرب من الطيب أعظم أجزائه الزعفران.

<<  <  ج: ص:  >  >>