للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن عبد الله وأبو سلمة بن عبد الرّحمن ﴿طَيْراً أَبابِيلَ﴾ قال الفرق، وقال ابن عباس والضحاك: أبابيل يتبع بعضها بعضا. وقال الحسن البصري وقتادة: الأبابيل الكثيرة. وقال مجاهد: أبابيل شتى متتابعة مجتمعة وقال ابن زيد الأبابيل المختلفة تأتي من هاهنا ومن هاهنا أتتهم من كل مكان، وقال الكسائي: سمعت بعض النحويين يقول: واحد الأبابيل إبيل.

وقال ابن جرير (١): حدثني عبد الأعلى، حدثني داود عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل أنه قال في قوله تعالى: ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ﴾ هي الأقاطيع كالإبل المؤبلة، وحدثنا أبو كريب: حدثنا وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين عن ابن عباس ﴿وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ﴾ قال: لهم خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلب. وحدثنا يعقوب بن إبراهيم: حدثنا هشيم، أخبرنا حصين عن عكرمة في قوله تعالى: ﴿طَيْراً أَبابِيلَ﴾.

قال: كانت طيرا خضرا خرجت من البحر لها رؤوس كرؤوس السباع وحدثنا ابن بشار: حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير ﴿طَيْراً أَبابِيلَ﴾ قال: هي طيور سود بحرية في مناقيرها وأظافرها الحجارة (٢)، وهذه أسانيد صحيحة.

وقال سعيد بن جبير: كانت طيرا خضرا لها مناقير صفر تختلف عليهم، وعن ابن عباس ومجاهد وعطاء: كانت الطير الأبابيل مثل التي يقال لها عنقاء مغرب (٣). ورواه عنهم ابن أبي حاتم: وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال: لما أراد الله أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر أمثال الخطاطيف كل طير منها يحمل ثلاثة أحجار مجزعة حجرين في رجليه وحجرا في منقاره، قال: فجاءت حتى صفت على رؤوسهم ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها، فما يقع حجر على رأس رجل إلا خرج من دبره، ولا يقع على شيء من جسده إلا خرج من الجانب الآخر، وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة فأهلكوا جميعا، وقال السدي عن عكرمة عن ابن عباس: حجارة من سجيل، قال طين في حجارة سنك وكل وقد قدمنا بيان ذلك بما أغنى عن إعادته هاهنا.

وقوله تعالى: ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾ قال سعيد بن جبير: يعني التبن الذي تسميه العامة هبور، وفي رواية عن سعيد: ورق الحنطة، وعنه أيضا: العصف التبن والمأكول القصيل يجز للدواب، وكذلك قال الحسن البصري، وعن ابن عباس: العصف القشرة التي على الحبة


(١) تفسير الطبري ١٢/ ٦٩٢، وفيه: حدثني ابن المثنى، قال: ثني عبد الأعلى.
(٢) انظر تفسير الطبري ١٢/ ٦٩٣.
(٣) العنقاء المغرب: طائر من طيور الأساطير، مجهول الشكل، لم يره أحد والعرب تكنى به عن الداهية، والمغرب: المبعد في البلاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>