للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِاللَّهِ آمَنْتُ وَعَلَى يَدِكَ أَسْلَمْتُ وَمِنْكَ تَعَلَّمْتُ، قَالَ: فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَوْلَ، قَالَ: فَقَالَ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ أَذُكِرْتُ هُنَاكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ بِاسْمِكَ وَنَسَبِكَ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى» قَالَ: فَاقْرَأْ إِذًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا غَرِيبُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَالثَّابِتُ مَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ السُّورَةَ تَثْبِيتًا لَهُ وَزِيَادَةً لِإِيمَانِهِ، فَإِنَّهُ كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ عَنْهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ عَنْهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ- كَانَ قَدْ أَنْكَرَ عَلَى إِنْسَانٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قِرَاءَةَ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى خِلَافِ مَا أَقْرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْرَأَهُمَا وَقَالَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا «أَصَبْتَ» قَالَ أُبَيُّ: فَأَخَذَنِي مِنَ الشَّكِّ وَلَا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِهِ، قَالَ أُبَيُّ: فَفِضْتُ عَرَقًا وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللَّهِ فَرَقًا، وَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَ أُمَّتَكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ. فَقُلْتُ: أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ فَقَالَ: عَلَى حَرْفَيْنِ» فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُقْرِئَ أُمَّتَكَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» ، كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَ هذا الحديث بطرقه ولفظه فِي أَوَّلِ التَّفْسِيرِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ وفيها رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ [البينة: ٣] قَرَأَهَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةَ إِبْلَاغٍ وَتَثْبِيتٍ وَإِنْذَارٍ، لَا قِرَاءَةَ تَعَلُّمٍ وَاسْتِذْكَارٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَذَا كَمَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةَ عَنْ تلك الأسئلة وكان فيما قال أو لم تَكُنْ تُخْبِرُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ، قَالَ: «بَلَى أَفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ عَامَكَ هَذَا» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ» فَلَمَّا رَجَعُوا مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ الْفَتْحِ دعا عمر بن الخطاب فقرأها عَلَيْهِ وَفِيهَا قَوْلُهُ: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ [الْفَتْحِ: ٢٧] الآية كَمَا تَقَدَّمَ.

وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِهِ أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْجَعْفَرِيِّ الْمَدَنِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ بْنُ أَسْلَمَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ الْمَدَنِيِّ، حَدَّثَنِي فُضَيْلٌ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا فيقول أبشر عبدي فوعزتي لأمكنن لَكَ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى تَرْضَى» حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ وَابْنُ الْأَثِيرِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ عَنْ نَظِيرٍ الْمُزَنِيِّ- أَوْ الْمَدَنِيِّ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَسْمَعُ قِرَاءَةَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَيَقُولُ أَبْشِرْ عَبْدِي، فَوَعِزَّتِي لَا أَنْسَاكَ عَلَى حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَأُمَكِّنَنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى تَرْضَى» .

<<  <  ج: ص:  >  >>