للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقا، قال: وفيم؟ قال: في مشط ومشاقة (١)، قال: وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت رعوفة (٢) في بئر ذروان» قالت:

فأتى البئر حتى استخرجه فقال: «هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة (٣) الحناء وكأن نخلها رؤوس الشياطين» قال: فاستخرج فقلت: أفلا تنشرت؟ (٤) فقال: «أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شرا» (٥).

وأسنده من حديث عيسى بن يونس وأبي ضمرة أنس بن عياض وأبي أسامة ويحيى القطان وفيه قالت حتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله، وعنده فأمر بالبئر فدفنت، وذكر أنه رواه عن هشام أيضا ابن أبي الزناد والليث بن سعد، وقد رواه مسلم من حديث أبي أسامة حماد بن أسامة وعبد الله بن نمير، ورواه أحمد عن عفان عن وهيب عن هشام به. ورواه الإمام أحمد (٦) أيضا عن إبراهيم بن خالد عن معمر عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: لبث النبي ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي، فأتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر: ما باله؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، وذكر تمام الحديث. وقال الأستاذ المفسر الثعلبي في تفسيره، قال ابن عباس وعائشة : كان غلام من اليهود يخدم رسول الله ، فدبت إليه اليهود فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي وعدة من أسنان مشطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها.

وكان الذي تولى ذلك رجل منهم يقال له ابن أعصم، ثم دسها في بئر لبني زريق يقال له ذروان، فمرض رسول الله وانتثر شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، وجعل يذوب ولا يدري ما عراه، فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان، فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه: ما بال الرجل؟ قال:

طب، قال: وما طب؟ قال: سحر؟ قال: ومن سحره؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي.

قال: وبم طبه؟ قال: بمشط ومشاطة قال: وأين هو؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت رعوفة في بئر ذروان. والجف قشر الطلع، والرعوفة حجر في أسفل البئر ناتئ يقوم عليه الماتح (٧)،


(١) المشاقة: المشاطة، وهي الشعر الذي يسقط من الرأس واللحية عند التسريح بالمشط.
(٢) رعوفة البئر: صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت، تكون ناتئة هناك، فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المنقي عليها، وبئر ذروان: بئر لبني زريق بالمدينة.
(٣) النقاعة: ما أنقع فيه الشيء، وهو هنا الماء الذي أنقع فيه الحناء.
(٤) النشرة: نوع من الرقية والعلاج. أي هلا طلبت العلاج.
(٥) أخرجه البخاري في بدء الخلق باب ١١، والطب باب ٤٧، ٤٩، والأدب باب ٥٦، والدعوات باب ٥٧، ومسلم في السّلام حديث ٤٣، وابن ماجة في الطب باب ٤٥، وأحمد في المسند ٦/ ٩٦.
(٦) المسند ٦/ ٦٣.
(٧) الماتح: هو المستسقي من البئر بالدلو.

<<  <  ج: ص:  >  >>