تعالى: ﴿يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٨٩] وبأنه أحد النسكين، فصح الإحرام به في جميع السنة كالعمرة. وذهب الشافعي ﵀، إلى أنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره، فلو أحرم به قبلها لم ينعقد إحرامه به وهل ينعقد عمرة، فيه قولان عنه.
والقول بأنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره مروي عن ابن عباس وجابر، وبه يقول عطاء وطاوس ومجاهد ﵏، والدليل عليه قوله ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ﴾ وظاهره التقدير الآخر الذي ذهب إليه النحاة، وهو أن وقت الحج أشهر معلومات فخصصه بها من بين سائر شهور السنة، فدل على أنه لا يصح قبلها كميقات الصلاة.
وقال الشافعي ﵀: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج، أخبرني عمر بن عطاء عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في شهور الحج من أجل قول الله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ﴾ وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن يحيى بن مالك السوسي عن حجاج بن محمد الأعور، عن ابن جريج به، ورواه ابن مردويه في تفسيره من طريقين عن حجاج بن أرطاة، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم عن ابن عباس أنه قال: من السنة أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج.
وقال ابن خزيمة في صحيحه: حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو خالد الأحمر عن شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج، فإن من سنة الحج أن يحرم في أشهر الحج، وهذا إسناد صحيح، وقول الصحابي «من السنة كذا» في حكم المرفوع عند الأكثرين، ولا سيما قول ابن عباس تفسيرا للقرآن وهو ترجمانه. وقد ورد فيه حديث مرفوع، قال ابن مردويه: حدثنا عبد الباقي، حدثنا نافع، حدثنا الحسن بن المثنى، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي ﷺ أنه قال «لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج» وإسناده لا بأس به، لكن رواه الشافعي والبيهقي من طرق عن ابن جريج، عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل: أيهلّ بالحج قبل أشهر الحج؟ فقال: لا، وهذا الموقوف أصح وأثبت من المرفوع، ويبقى حينئذ مذهب صحابي يتقوى بقول ابن عباس من السنة: أن لا يحرم بالحج إلا في أشهره، والله أعلم.
وقوله ﴿أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ﴾ قال البخاري: قال ابن عمر: هي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وهذا الذي علقه البخاري بصيغة الجزم، رواه ابن جرير (١) موصولا، حدثنا أحمد بن حازم بن أبي برزة، حدثنا أبو نعيم، حدثنا ورقاء عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ﴾ قال: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، إسناد صحيح. وقد رواه