للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن جرير: وإنما أراد من ذهب إلى أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة أن هذه الأشهر ليست أشهر العمرة إنما هي للحج وإن كان عمل الحج قد انقضى بانقضاء أيام منى، كما قال محمد بن سيرين: ما أحد من أهل العلم يشك في أن عمرة في غير أشهر الحج أفضل من عمرة في أشهر الحج، وقال ابن عون: سألت القاسم بن محمد عن العمرة في أشهر الحج فقال:

كانوا لا يرونها تامة. (قلت) وقد ثبت عن عمر وعثمان ، أنهما كان يحبان الاعتمار في غير أشهر الحج وينهيان عن ذلك في أشهر الحج، والله أعلم.

وقوله ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ أي أوجب بإحرامه حجا، فيه دلالة على لزوم الإحرام بالحج والمضي فيه، قال ابن جرير: أجمعوا على أن المراد من الفرض هاهنا الإيجاب والإلزام، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ يقول: من أحرم بحج أو عمرة، وقال عطاء: الفرض الإحرام. وكذا قال إبراهيم والضحاك وغيرهم. وقال ابن جرير:

أخبرني عمر بن عطاء عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ﴾ فلا ينبغي أن يلبي بالحج ثم يقيم بأرض. قال ابن أبي حاتم: روي عن ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير ومجاهد وعطاء وإبراهيم النخعي وعكرمة والضحاك وقتادة وسفيان الثوري والزهري ومقاتل بن حيان: نحو ذلك، وقال طاوس والقاسم بن محمد: هو التلبية.

وقوله ﴿فَلا رَفَثَ﴾ أي من أحرم بالحج أو العمرة فليجتنب الرفث، وهو الجماع، كما قال تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٧] وكذلك يحرم تعاطي دواعية من المباشرة والتقبيل ونحو ذلك، كذلك التكلم به بحضرة النساء، قال ابن جرير: حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس: أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقول: الرفث إتيان النساء والتكلم بذلك للرجال والنساء إذا ذكروا ذلك بأفواههم، قال ابن وهب: وأخبرني أبو صخر عن محمد بن كعب مثله، قال ابن جرير: وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن قتادة، عن رجل، عن أبي العالية الرياحي، عن ابن عباس، أنه كان يحدو وهو محرم، وهو يقول: [الرجز] وهنّ يمشين بنا هميسا … إن يصدق الطير ننك لميسا (١)

وقال أبو العالية: فقلت: تكلم بالرفث وأنت محرم؟ قال: إنما الرفث ما قيل عند النساء.

ورواه الأعمش عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس فذكره. وقال ابن جرير أيضا، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، عن عون، حدثني زياد بن حصين حدثني أبي حصين بن قيس، قال: أصعدت مع ابن عباس في الحاج، وكنت خليله، فلما كان بعد إحرامنا


(١) الرجز لابن عباس في جمهره اللغة ص ٤٢٢؛ وتاج العروس (رفث، همس)؛ ولسان العرب (رفث، همس)؛ وتهذيب اللغة ٦/ ١٤٣؛ وبلا نسبة في تاج العروس (لمس)؛ وكتاب العين ٤/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>