الحديث السادس عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ، وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بن أبي شيبة والجوزجاني البيهقي مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمْ، وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. قَالَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا سعيد بن أبي مريم حدثنا أبو يمان مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ الْمَدَنِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا أَخٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ مِنْهُ لِيُحِلَّهَا لِأَخِيهِ، هَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ فَقَالَ: لَا إِلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِهِ، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ مُشْعِرَةٌ بِالرَّفْعِ وَهَكَذَا رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْجُوزْجَانِيُّ وَحَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَوُتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إِلَّا رَجَمْتُهُمَا، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَقَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَها أَيِ الزَّوْجُ الثَّانِي بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا أَيِ الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ الْأَوَّلُ إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ أي يتعاشرا بالمعروف. قال مُجَاهِدٌ إِنَّ ظَنًّا أَنَّ نِكَاحَهُمَا عَلَى غَيْرِ دُلْسَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ أَيْ شَرَائِعُهُ وَأَحْكَامُهُ يُبَيِّنُها أَيْ يُوَضِّحُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِيمَا إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ وَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ، فَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ، هَلْ تَعُودُ إِلَيْهِ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّلَاثِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، أَوْ يَكُونُ الزَّوْجُ الثَّانِي قَدْ هَدَمَ مَا قَبْلَهُ مِنَ الطَّلَاقِ، فَإِذَا عَادَتْ إِلَى الْأَوَّلِ تَعُودُ بِمَجْمُوعِ الثَّلَاثِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ إِذَا هَدَمَ الثَّلَاثَ فَلَأَنْ يَهْدِمَ مَا دُونَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(١) المسند (ج ٢ ص ٣٢٢) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute