وقال الإمام أحمد (١): حدثنا يونس، حدثنا ليث عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن القاسم بن غنام، عن جدته أم فروة، وكانت ممن بايع رسول الله ﷺ، أنها سمعت رسول الله ﷺ وذكر الأعمال، فقال «أحب العمل إلى الله تعجيل الصلاة لأول وقتها» وهكذا رواه أبو داود والترمذي، وقال: لا نعرفه إلا من طريق العمري وليس بالقوي عند أهل الحديث، وخص تعالى من بينها بمزيد التأكيد الصلاة الوسطى.
وقد اختلف السلف والخلف فيها أي صلاة هي؟ فقيل: إنها الصبح، حكاه مالك في الموطأ بلاغا عن علي وابن عباس، وقال هشيم وابن علية وغندر وابن أبي عدي وعبد الوهاب وشريك وغيرهم عن عوف الأعرابي عن أبي رجاء العطاردي، قال: صليت خلف ابن عباس الفجر، فقنت فيها ورفع يديه، ثم قال: هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا أن نقوم فيها قانتين، رواه ابن جرير، ورواه أيضا من حديث عوف عن خلاس بن عمرو، عن ابن عباس مثله سواء، وقال ابن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عوف عن أبي المنهال، عن أبي العالية، عن ابن عباس، أنه صلّى الغداة في مسجد البصرة، فقنت قبل الركوع، وقال: هذه الصلاة الوسطى التي ذكرها الله في كتابه، فقال ﴿حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ﴾ وقال أيضا: حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني، أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا الربيع بن أنس عن أبي العالية، قال: صليت خلف عبد الله بن قيس بالبصرة صلاة الغداة، فقلت لرجل من أصحاب رسول الله ﷺ إلى جانبي: ما الصلاة الوسطى؟ قال: هذه الصلاة. وروي من طريق أخرى عن الربيع عن أبي العالية، أنه صلّى مع أصحاب رسول الله ﷺ صلاة الغداة فلما فرغوا قال: قلت لهم: أيتهنّ الصلاة الوسطى؟ قالوا: التي قد صليتها قبل. وقال أيضا: حدثنا ابن بشار، حدثنا ابن عثمة عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن جابر بن عبد الله، قال: الصلاة الوسطى صلاة الصبح، وحكاه ابن أبي حاتم عن ابن عمر وأبي أمامة وأنس وأبي العالية وعبيد بن عمير وعطاء ومجاهد وجابر بن زيد وعكرمة والربيع بن أنس، ورواه ابن جرير عن عبد الله بن شداد وابن الهاد أيضا، وهو الذي نص عليه الشافعي ﵀، محتجا بقوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ﴾ والقنوت عنده في صلاة الصبح.
ومنهم من قال: هي وسطى باعتبار أنها لا تقصر، وهي بين صلاتين ورباعيتين مقصورتين، وترد المغرب، وقيل: لأنها بين صلاتين جهريتين وصلاتي نهار سريتين.
وقيل: إنها صلاة الظهر، قال أبو داود الطيالسي في مسنده: حدثنا ابن أبي ذئب عن الزبرقان يعني ابن عمرو، عن زهرة يعني ابن معبد، قال: كنا جلوسا عند زيد بن ثابت، فأرسلوا إلى أسامة فسألوه عن الصلاة الوسطى، فقال: هي الظهر، كان رسول الله ﷺ يصليها بالهجير، وقال