للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلي وأنا أومئ إيماء. الحديث بطوله رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد، وهذا من رخص الله التي رخص لعباده ووضعه الآصار والأغلال عنهم، وقد روى ابن أبي حاتم من طريق شبيب بن بشر عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: في هذه الآية يصلي الراكب على دابته والراجل على رجليه، قال وروي عن الحسن ومجاهد ومكحول والسدي والحكم ومالك والأوزاعي والثوري والحسن بن صالح، نحو ذلك-وزاد: ويومئ برأسه أينما توجه، ثم قال: حدثنا أبي، حدثنا غسان، حدثنا داود يعني ابن علية عن مطرف، عن عطية، عن جابر بن عبد الله، قال: إذا كانت المسايفة فليومئ برأسه حيث كان وجهه، فذلك قوله ﴿فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً﴾، وروي عن الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وعطية والحكم وحماد وقتادة نحو ذلك.

وقد ذهب الإمام أحمد فيما نص عليه إلى أن صلاة الخوف تفعل في بعض الأحيان ركعة واحدة إذا تلاحم الجيشان، وعلى ذلك ينزل الحديث الذي رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن جرير من حديث أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري-زاد مسلم والنسائي وأيوب بن عائذ-كلاهما عن بكير بن الأخنس الكوفي، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال:

فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة، وبه قال: الحسن البصري وقتادة والضحاك وغيرهم.

وقال ابن جرير (١): حدثنا ابن بشار، حدثنا ابن مهدي عن شعبة، قال: سألت الحكم وحمادا وقتادة عن صلاة المسايفة، فقالوا: ركعة، وهكذا روى الثوري عنهم سواء، وقال ابن جرير (٢) أيضا: حدثني سعيد بن عمرو السكوني، حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا المسعودي، حدثنا يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله، قال: صلاة الخوف ركعة. واختار هذا القول ابن جرير.

وقال البخاري: (باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو): وقال الأوزاعي: إن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة، صلوا إيماء كل امرئ لنفسه، فإن لم يقدروا على الإيماء أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال، ويأمنوا فيصلوا ركعتين، فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين، فإن لم يقدروا لا يجزئهم التكبير ويؤخرونها حتى يأمنوا. وبه قال مكحول، وقال أنس بن مالك: حضرت عند مناهضة حصن تستر عند إضاءة الفجر واشتد اشتغال القتال، فلم يقدروا على الصلاة، فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار، فصليناها ونحن مع أبي موسى، ففتح لنا.

قال أنس: وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها. هذا لفظ البخاري (٣). ثم استشهد على ذلك بحديث تأخيره صلاة العصر يوم الخندق لعذر المحاربة إلى غيبوبة الشمس، وبقوله بعد ذلك لأصحابه لما جهزهم إلى بني قريظة «لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة» فمنهم


(١) تفسير الطبري ٢/ ٥٨٩.
(٢) تفسير الطبري ٢/ ٥٩٠.
(٣) صحيح البخاري (الجمعة باب ٤٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>