للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَقَالَ لي: لا يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَا إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب من ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» قُلْتُ: لَا. قَالَ «ذَاكَ شَيْطَانٌ» . كَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْهَيْثَمِ، فَذَكَرَهُ.

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسِيَاقٍ آخَرَ قَرِيبٍ مِنْ هَذَا، فَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرَوَيْهِ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زهير بن حرب، أنبأنا مسلم بن إبراهيم، أنبأنا إسماعيل بن مسلم العبدي، أنبأنا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ النَّاجِيُّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ مَعَهُ مِفْتَاحُ بَيْتِ الصَّدَقَةِ، وَكَانَ فِيهِ تَمْرٌ، فَذَهَبَ يَوْمًا فَفَتَحَ الْبَابَ، فَوَجَدَ التَّمْرَ قَدْ أُخِذَ مِنْهُ مَلْءُ كَفٍّ، وَدَخَلَ يَوْمًا آخَرَ فَإِذَا قَدْ أُخِذَ مِنْهُ مَلْءُ كَفٍّ، ثُمَّ دَخَلَ يَوْمًا آخَرَ ثَالِثًا، فَإِذَا قَدْ أُخِذَ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ، فَشَكَا ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُحِبُّ أَنَّ تَأْخُذَ صَاحِبَكَ هَذَا؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ «فَإِذَا فَتَحَتَ الْبَابَ فَقُلْ سُبْحَانَ مَنْ سَخَّرَكَ محمد. فَذَهَبَ فَفَتَحَ الْبَابَ فَقَالَ سُبْحَانَ مَنْ سَخَّرَكَ محمد فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا. قَالَ: نَعَمْ، دَعْنِي فَإِنِّي لَا أَعُودُ، مَا كُنْتُ آخِذًا إِلَّا لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْجِنِّ فُقَرَاءَ، فَخَلَّى عنه، ثم عاد الثانية، ثم الثَّالِثَةَ، فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ عَاهَدْتَنِي أَلَّا تَعُودَ؟ لَا أَدْعُكَ الْيَوْمَ حَتَّى أَذْهَبَ بِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لا تَفْعَلْ، فَإِنَّكَ إِنْ تَدَعْنِي عَلَّمْتُكَ كَلِمَاتٍ إِذَا أَنْتَ قُلْتَهَا، لَمْ يَقَرَبْكَ أَحَدٌ مِنَ الْجِنِّ صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ، ذَكَرٌ وَلَا أُنْثَى، قَالَ لَهُ: لَتَفْعَلَنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا هُنَّ؟ قَالَ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ حَتَّى خَتَمَهَا، فَتَرَكَهُ فذهب فلم يعد، فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو هُرَيْرَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ» وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ كَائِنَةٌ مِثْلُ هَذِهِ أَيْضًا، فَهَذِهِ ثَلَاثُ وَقَائِعَ.

قِصَّةٌ أُخْرَى قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْغَرِيبِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْإِنْسِ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تُصَارِعَنِي؟ فَإِنْ صَرَعْتَنِي عَلَّمْتُكَ آيَةً إِذَا قَرَأْتَهَا حِينَ تَدْخُلُ بَيْتَكَ لَمْ يدخله شَيْطَانٌ، فَصَارَعَهُ فَصَرَعَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَاكَ ضَئِيلًا شَخِيتًا، كَأَنَّ ذِرَاعَيْكَ ذِرَاعَا كَلْبٍ، أَفَهَكَذَا أَنْتُمْ أَيُّهَا الْجِنُّ كُلُّكُمْ، أَمْ أَنْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ؟ فَقَالَ: إِنِّي بَيْنَهُمْ لَضَلِيعٌ «١» ، فَعَاوِدْنِي فَصَارَعَهُ فَصَرَعَهُ الْإِنْسِيُّ فَقَالَ: تَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا أَحَدٌ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ إِلَّا خَرَجَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ خَبَجٌ كَخَبَجِ الْحِمَارِ، فَقِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: أَهْوَ عُمَرُ؟ فَقَالَ مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ إِلَّا عُمَرُ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الضَّئِيلُ النَّحِيفُ الْجِسْمِ، وَالْخَبَجُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَيُقَالُ بِالْحَاءِ المهملة الضراط.


(١) الضليع: العظيم الخلقة والجسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>