للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبعد عن الرياء إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية.

وقال رسول الله «الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة» والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الآية، ولما ثبت في الصحيحين (١) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله «سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه».

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام بن حوشب، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أنس بن مالك، عن النبي : قال «لما خلق الله الأرض جعلت تميد، فخلق الجبال فألقاها عليها، فاستقرت، فتعجبت الملائكة من خلق الله الجبال فقالت: يا رب هل في خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال نعم الحديد. قالت: يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال: نعم النار، قالت: يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار؟ قال: نعم الماء. قالت: يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء؟ قال: نعم الريح؟ قالت: يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها من شماله».

وقد ذكرنا في فضل آية الكرسي عن أبي ذر، قال: قلت يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال «سر إلى فقير أو جهد من مقل» رواه أحمد (٣) ورواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن يزيد عن القاسم، عن أبي أمامة، عن أبي ذر، فذكره وزاد: ثم نزع (٤) بهذه الآية ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ الآية.

وفي الحديث المروي «صدقة السر تطفئ غضب الرب ﷿».

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الحسين بن زياد المحاربي مؤدب محارب، أخبرنا موسى بن عمير عن عامر الشعبي في قوله: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ قال: أنزلت في أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبي فقال له النبي «ما خلفت وراءك لأهلك يا عمر؟» قال:


(١) صحيح البخاري (أذان باب ٣٦) وصحيح مسلم (زكاة حديث ٩١)
(٢) المسند (ج ٣ ص ١٢٤)
(٣) المسند (ج ٥ ص ١٧٨)
(٤) أي تمثل بهذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>