للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان لي على فلان بن فلان-الحرامي-مال، فأتيت أهله، فسلمت فقلت: أثم هو؟ قالوا: لا، فخرج عليّ ابن له جفر (١)، فقلت: أين أبوك؟ فقال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي، فقلت:

اخرج إلي فقد علمت أين أنت، فخرج، فقلت ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال: أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك، خشيت والله أن أحدثك فأكذبك أو أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله ، وكنت والله معسرا. قال: قلت: آلله. قال: قلت: آلله؟ قال: الله. قلت: الله ثم قال: فأتى بصحيفته فمحاها بيده، ثم قال: فإن وجدت قضاء فاقضني وإلا فأنت في حل، فأشهد بصر عينيّ هاتين-ووضع إصبعيه على عينيه-وسمع أذنيّ هاتين، ووعاه قلبي-وأشار إلى مناط قلبه، رسول الله وهو يقول: من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله. وذكر تمام الحديث.

حديث آخر عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، قال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثني أبو يحيى البزاز محمد بن عبد الرحمن، حدثنا الحسن بن أسد بن سالم الكوفي، حدثنا العباس بن الفضل الأنصاري، عن هشام بن زياد القرشي، عن أبيه، عن محجن مولى عثمان، عن عثمان، قال: سمعت رسول الله يقول «أظل الله عينا في ظله يوم لا ظل إلا ظله، من أنظر معسرا، أو ترك لغارم».

حديث آخر عن ابن عباس. قال الإمام أحمد (٢): حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا نوح بن جعونة السلمي الخراساني، عن مقاتل بن حيان، عن عطاء، عن ابن عباس، قال خرج رسول الله إلى المسجد وهو يقول بيده: هكذا، وأومأ عبد الرحمن بيده إلى الأرض «من أنظر معسرا أو وضع عنه، وقاه الله من فيح جهنم ألا إن عمل الجنة حزن بربوة-ثلاثا-ألا إن عمل النار سهل بسهوة، والسعيد من وقي الفتن، وما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد، ما كظمها عبد الله إلا ملأ الله جوفه إيمانا» تفرد به أحمد.

طريق آخر قال الطبراني: حدثنا أحمد بن محمد البوراني قاضي الحديبية من ديار ربيعة، حدثنا الحسن بن علي الصدائي، حدثنا الحكم بن الجارود، حدثنا ابن أبي المتئد خال ابن عيينة، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله «من أنظر معسرا إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته».

ثم قال تعالى يعظ عباده، ويذكرهم زوال الدنيا، وفناء ما فيها من الأموال وغيرها، وإتيان الآخرة، والرجوع إليه تعالى، ومحاسبته تعالى خلقه على ما عملوا، ومجازاته إياهم بما كسبوا من خير وشر، ويحذرهم عقوبته، فقال: ﴿وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾


(١) الجفر: الصبي انتفخ لحمه وصار له كرش.
(٢) المسند (ج ١ ص ٣٢٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>