للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحديث أبي موسى عند مسلم: كان يؤمن إذا قرأ ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضّالِّينَ﴾ وقد قدمنا في المتفق عليه «إذا أمن الإمام فأمنوا» وأنه كان يؤمن إذا قرأ ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضّالِّينَ﴾.

وقد اختلف أصحابنا في الجهر بالتأمين للمأموم في الجهرية، وحاصل الخلاف أن الإمام إن نسي التأمين جهر المأموم به قولا واحدا، وإن أمن الإمام جهرا فالجديد أن لا يجهر المأموم وهو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن مالك: لأنه ذكر من الأذكار فلا يجهر به كسائر أذكار الصلاة، والقديم أنه يجهر به وهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل والرواية الأخرى عن مالك لما تقدم «حتى يرتج المسجد» ولنا قول آخر ثالث أنه إن كان المسجد صغيرا لم يجهر المأموم لأنهم يسمعون قراءة الإمام وإن كان كبيرا جهر ليبلغ التأمين من في أرجاء المسجد والله أعلم. وقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عائشة أن رسول الله ذكرت عنده اليهود فقال «إنهم لن يحسدونا على شيء كما يحسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين» ورواه ابن ماجة ولفظه «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين» (١) وله عن ابن عباس أن رسول الله قال «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على قول آمين فأكثروا من قول آمين» وفي إسناده طلحة بن عمرو (٢) وهو ضعيف، وروى ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله قال «آمين خاتم رب العالمين على لسان عباده المؤمنين» (٣) وعن أنس قال: قال رسول الله «أعطيت آمين في الصلاة وعند الدعاء لم يعط أحد قبلي إلا أن يكون موسى، كان موسى يدعو وهارون يؤمن فاختموا الدعاء بآمين فإن الله يستجيبه لكم» (قلت) ومن هنا نزع بعضهم في الدلالة بهذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ﴿وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ. قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [يونس:

٨٨ - ٨٩] فذكر الدعاء عن موسى وحده ومن سياق الكلام ما يدل على أن هارون أمّن فنزل منزلة من دعا لقوله تعالى ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما﴾ فدل ذلك على أن من أمّن على دعاء فكأنما قاله، فلهذا قال من قال: إن المأموم لا يقرأ لأن تأمينه على قراءة الفاتحة بمنزلة قراءتها، ولهذا جاء في الحديث «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» رواه أحمد في مسنده (٤). وكان بلال يقول:


(١) ابن ماجة (إقامة باب ١٤)
(٢) هو طلحة بن عمرو بن عثمان الحضرمي المكي المتوفى سنة ١٥٢. من الطبقة السابعة. متروك. (موسوعة رجال الكتب التسعة ٢/ ٢٠٦)
(٣) الدر المنثور (١/ ٤٤). قال السيوطي: بسند ضعيف.
(٤) المسند ج ٥ ص ١٠٠. رواه من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>