للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والترمذي من حديث أبي داود الحفري عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن سفيان بن سعيد، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين به، ثم قال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة، وروى أبو أسامة عن هشام نحوه، وروى عن ابن سيرين عن عبيدة، عن النبي مرسلا.

وقال محمد بن إسحاق وابن جريج والربيع بن أنس والسدي ﴿قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ أي بسبب عصيانكم لرسول الله حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم، يعني بذلك الرماة ﴿إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه.

ثم قال تعالى: ﴿وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ﴾ أي فراركم بين يدي عدوكم وقتلهم لجماعة منكم وجراحتهم لآخرين، كان بقضاء الله وقدره، وله الحكمة في ذلك ﴿وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ﴾ يعني بذلك أصحاب عبد الله بن أبي ابن سلول الذين رجعوا معه في أثناء الطريق، فاتبعهم رجال من المؤمنين يحرضونهم على الإياب والقتال والمساعدة، ولهذا قال ﴿أَوِ ادْفَعُوا﴾ قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو صالح والحسن والسدي: يعني كثروا سواد المسلمين، وقال الحسن بن صالح: ادفعوا بالدعاء، وقال غيره: رابطوا، فتعللوا قائلين ﴿لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ﴾ قال مجاهد: يعنون لو نعلم أنكم تلقون حربا لجئناكم، ولكن لا تلقون قتالا.

قال محمد بن إسحاق (١): حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ومحمد بن يحيى بن حبّان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم من علمائنا، كلهم قد حدث (٢)، قال: خرج علينا رسول الله يعني حين خرج إلى أحد في ألف رجل من أصحابه، حتى إذا كان بالشوط بين أحد والمدينة، انحاز (٣) عنه عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس، وقال: أطاعهم فخرج وعصاني، ووالله ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس؟ فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه أهل النفاق وأهل الريب، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول: يا قوم أذكركم الله أن لا تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوكم، قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكن لا نرى أن يكون قتال، فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم، ومضى رسول الله .


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٦٠ - ٦٤.
(٢) عبارة ابن إسحاق في السيرة: «كلهم قد حدّث بعض الحديث من يوم أحد، وقد اجتمع حديثهم كله فيما سقت من هذا الحديث. قالوا، أو من قال منهم … إلخ».
(٣) في السيرة: «انخزل».

<<  <  ج: ص:  >  >>