للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن البصري في قوله ﴿الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ﴾ إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين ما أصابوا ورجعوا، فقال رسول الله : إن أبا سفيان قد رجع وقد قذف الله في قلبه الرعب، فمن ينتدب في طلبه؟ فقام النبي وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وناس من أصحاب رسول الله ، فاتبعوهم، فبلغ أبا سفيان أن النبي يطلبه، فلقي عيرا من التجار فقال: ردوا محمدا ولكم من الجعل كذا وكذا، وأخبروهم أني قد جمعت لهم جموعا وأني راجع إليهم، فجاء التجار فأخبروا رسول الله بذلك، فقال النبي «حسبنا الله ونعم الوكيل». فأنزل الله هذه الآية.

وهكذا قال عكرمة وقتادة وغير واحد: إن هذا السياق نزل في شأن حمراء الأسد، وقيل:

نزلت في بدر الموعد، والصحيح الأول.

وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً﴾ الآية، أي الذين توعدهم الناس بالجموع وخوفوهم بكثرة الأعداء، فما اكترثوا لذلك بل توكلوا على الله واستعانوا به، ﴿وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾. وقال البخاري: حدثنا أحمد بن يونس، قال: أراه قال: حدثنا أبو بكر عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن ابن عباس ﴿حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد حين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.

وقد رواه النسائي عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم وهارون بن عبد الله، كلاهما عن يحيى بن أبي بكير، عن أبي بكر وهو ابن عياش به، والعجب أن الحاكم أبا عبد الله رواه من حديث أحمد بن يونس به، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ثم رواه البخاري عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، عن إسرائيل، عن أبي حصين عن أبي الضحى، عن ابن عباس، قال: كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: ﴿حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾. وقال عبد الرزاق: قال ابن عيينة: وأخبرني زكريا عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو، قال: هي كلمة إبراهيم حين ألقي في النار، رواه ابن جرير (١).

وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن معمر، حدثنا إبراهيم بن موسى الثوري، حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن زياد السكري، أنبأنا أبو بكر بن عياش عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، عن النبي أنه قيل له يوم أحد: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فأنزل الله هذه الآية. وروى أيضا بسنده عن محمد بن عبيد الله الرافعي، عن أبيه، عن جده أبي رافع: أن النبي ، وجه عليا في نفر معه في طلب أبي سفيان، فلقيهم أعرابي من خزاعة


(١) تفسير الطبري ٣/ ٥٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>