للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق أخرى: رواها ابن مردويه من حديث عاصم بن بهدلة عن بعض أصحابه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن رسول الله خرج ذات ليلة بعد ما مضى ليل، فنظر إلى السماء وتلا هذه الآية ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ﴾ إلى آخر السورة ثم قال «اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا وفي بصري نورا، وعن يميني نورا، وعن شمالي نورا، ومن بين يدي نورا، ومن خلفي نورا، ومن فوقي نورا، ومن تحتي نورا وأعظم لي نورا يوم القيامة» وهذا الدعاء ثابت في بعض طرق الصحيح من رواية كريب عن ابن عباس .

ثم روى ابن مردويه وابن أبي حاتم من حديث جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أتت قريش اليهود، فقالوا: بم جاءكم موسى من الآيات؟ قالوا: عصاه ويده البيضاء للناظرين. وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان عيسى فيكم؟ قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، فأتوا النبي فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا، فدعا ربه ﷿، فنزلت ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ﴾ قال: فليتفكروا فيها، لفظ ابن مردويه.

وقد تقدم هذا الحديث من رواية الطبراني في أول الآية، وهذا يقتضي أن تكون هذه الآيات مكية، والمشهور أنها مدنية، ودليله الحديث الآخر. قال ابن مردويه: حدثنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل، حدثنا أحمد بن علي الحراني، حدثنا شجاع بن أشرس، حدثنا حشرج بن نباتة الواسطي أبو مكرم عن الكلبي وهو أبو جناب، عن عطاء قال: انطلقت أنا وابن عمر وعبيد بن عمير إلى عائشة ، فدخلنا عليها وبيننا وبينها حجاب، فقالت: يا عبيد ما يمنعك من زيارتنا؟ قال: قول الشاعر: زر غبا تزدد حبا. فقال ابن عمر: ذرينا أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله ، فبكت وقالت: كل أمره كان عجبا، أتاني في ليلتي حتى مس جلده جلدي، ثم قال «ذريتي أتعبد لربي ﷿» قالت: فقلت والله إني لأحب قربك، وإني أحب أن تعبّد لربك، فقام إلى القربة فتوضأ ولم يكثر صب الماء، ثم قام يصلي فبكى حتى بل لحيته، ثم سجد فبكى حتى بل الأرض، ثم اضطجع على جنبه فبكى حتى إذا أتى بلال يؤذنه بصلاة الصبح. قالت: فقال: يا رسول الله، ما يبكيك وقد غفر الله لك ذنبك ما تقدم وما تأخر؟ فقال: «ويحك يا بلال، وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل علي في هذه الليلة ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ﴾» ثم قال «ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها».

وقد رواه عبد بن حميد في تفسيره عن جعفر بن عون عن أبي جناب الكلبي عن عطاء.

قال: دخلت أنا وعبد الله بن عمر وعبيد بن عمير على أم المؤمنين عائشة وهي في خدرها، فسلمنا عليها، فقالت: من هؤلاء؟ قال: فقلنا: هذا عبد الله بن عمر وعبيد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>