للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن أبي سويد وهذا كما علله البخاري وهذا الإسناد الذي قدمناه من مسند الإمام أحمد، رجاله ثقات على شرط الشيخين ثم قد روي من غير طريق معمر بل والزهري. قال البيهقي:

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو علي الحافظ، حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي، حدثنا أبو بريد عمرو بن يزيد الجرمي، أخبرنا سيف بن عبيد الله حدثنا سرار بن مجشر، عن أيوب، عن نافع وسالم، عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة كان عنده عشر نسوة فأسلم وأسلمن معه، فأمره النبي أن يختار منهن أربعا. هكذا أخرجه النسائي في سننه، قال أبو علي بن السكن: تفرد به سرار بن مجشر وهو ثقة. وكذا وثقه ابن معين قال أبو علي: وكذا رواه السميدع بن واهب عن سرار. قال البيهقي: وروينا من حديث قيس بن الحارث أو الحارث بن قيس، وعروة بن مسعود الثقفي وصفوان بن أمية يعني حديث غيلان بن سلمة فوجه الدلالة أنه لو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لسوغ له رسول الله سائرهن في بقاء العشرة وقد أسلمن معه فلما أمره بإمساك أربع وفراق سائرهن دل على أنه لا يجوز الجمع بين أكثر من أربع بحال، فإذا كان هذا في الدوام، ففي الاستئناف بطريق الأولى والأحرى، والله أعلم بالصواب.

حديث آخر في ذلك: روى أبو داود (١) وابن ماجة في سننهما من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حميضة بن الشمردل وعند ابن ماجة بنت الشمردل، حكى أبو داود أن منهم من يقول الشمرذل بالذال المعجمة عن قيس بن الحارث، وعند أبي داود في رواية الحارث بن قيس بن عميرة الأسدي قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة فذكرت للنبي فقال: «اختر منهن أربعا»، وهذا الإسناد حسن: ومجرد هذا الاختلاف لا يضر مثله لما للحديث من الشواهد.

حديث آخر في ذلك: قال الشافعي في مسنده: أخبرني من سمع ابن أبي الزناد يقول أخبرني عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن عن عوف بن الحارث عن نوفل بن معاوية الديلي ، قال: أسلمت وعندي خمس نسوة فقال لي رسول الله : «اختر أربعا أيتهن شئت وفارق الأخرى» فعمدت إلى أقدمهن صحبة عجوز عاقر معي منذ ستين سنة فطلقتها.

فهذه كلها شواهد بصحة ما تقدم من حديث غيلان كما قاله البيهقي .

وقوله: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ﴾، أي فإن خشيتم من تعداد النساء أن لا تعدلوا بينهن، كما قال تعالى، ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ [النساء: ١٢٩] فمن خاف من ذلك فليقتصر على واحدة أو على الجواري السراري فإنه


(١) سنن أبي داود (طلاق باب ٢٥) وسنن ابن ماجة (نكاح باب ٤٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>