للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلدت.

وقوله تعالى، ﴿فَالصّالِحاتُ﴾ أي من النساء ﴿قانِتاتٌ﴾ قال ابن عباس وغير واحد: يعني مطيعات لأزواجهن ﴿حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ﴾ وقال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله. وقوله ﴿بِما حَفِظَ اللهُ﴾ أي المحفوظ من حفظه الله.

قال ابن جرير (١) حدثني المثني، حدثنا أبو صالح، حدثنا أبو معشر، حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله «خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك» قال: ثم قرأ رسول الله هذه الآية ﴿الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ﴾ إلى آخرها، ورواه ابن أبي حاتم عن يونس بن حبيب، عن أبي داود الطيالسي، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن سعيد المقبري به، مثله سواء.

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر: أن ابن قارظ أخبره أن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت» تفرد به أحمد من طريق عبد الله بن قارظ عن عبد الرحمن بن عوف.

وقوله تعالى: ﴿وَاللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ أي والنساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على أزواجهن، والنشوز هو الارتفاع، فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها، التاركة لأمره، المعرضة عنه، المبغضة له، فمتى ظهر له منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله في عصيانه، فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته وحرم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال، وقد قال رسول الله «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها»، وروى البخاري عن أبي هريرة ، قال:

قال رسول الله «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه لعنتها الملائكة حتى تصبح»، ورواه مسلم، ولفظه «إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح» (٣)، ولهذا قال تعالى: ﴿وَاللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ﴾.

وقوله ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: الهجر هو أن لا يجامعها، ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره، وكذا قال غير واحد. وزاد آخرون منهم السدي والضحاك وعكرمة وابن عباس في رواية: ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها. وقال


(١) تفسير الطبري ٤/ ٦٢.
(٢) مسند أحمد ١/ ١٩١.
(٣) صحيح البخاري (بدء الخلق باب ٧ ونكاح باب ٨٥) وصحيح مسلم (نكاح حديث ١٢١)

<<  <  ج: ص:  >  >>