للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَصِلُ الْإِيمَانُ إِلَى قُلُوبِ مَنْ وَصَفَ اللَّهُ أَنَّهُ خَتَمَ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ إلا بعد فض خاتمه وحل رِبَاطَهُ عَنْهَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَقْفَ التَّامَّ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَقَوْلُهُ:

وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ فَإِنَّ الطَّبْعَ يَكُونُ عَلَى الْقَلْبِ وَعَلَى السَّمْعِ، وَالْغِشَاوَةَ وَهِيَ الْغِطَاءُ تَكُونُ عَلَى الْبَصَرِ كَمَا قَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ يَقُولُ: فَلَا يَعْقِلُونَ وَلَا يَسْمَعُونَ يقول: وَجَعَلَ عَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةً يَقُولُ: عَلَى أَعْيُنِهِمْ فلا يبصرون، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَالْغِشَاوَةُ على أبصارهم. قال: وحدثنا الْقَاسِمُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، يَعْنِي ابْنَ دَاوُدَ وَهُوَ سنيد «٢» ، حدثني حجاج، وهو ابن مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ، حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: الْخَتْمُ عَلَى الْقَلْبِ وَالسَّمْعِ، وَالْغِشَاوَةُ عَلَى الْبَصَرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ [الشُّورَى: ٢٤] وَقَالَ: وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً [الْجَاثِيَةِ: ٢٣] قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَمَنْ نَصَبَ غِشَاوَةً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ نَصَبَهَا بِإِضْمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ:

وَجَعَلَ عَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةً وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَصْبُهَا عَلَى الْإِتْبَاعِ عَلَى مَحَلِّ وَعَلى سَمْعِهِمْ كقوله تعالى: وَحُورٌ عِينٌ [سورة الواقعة: ٢٢] وقول الشاعر: [الرجز]

عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا ... حَتَّى شَتَتْ هَمَّالَةً عيناها «٣»

وقال الآخر: [مجزوء الكامل]

وَرَأَيْتُ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا «٤»


(١) تفسير الطبري ١/ ١٤٧.
(٢) هو سنيد بن داود، أبو علي المحتسب المصيصي المدائني المتوفى سنة ١٢٦ هـ. من الطبقة العاشرة.
أخرج له ابن ماجة. ضعيف. (موسوعة رجال الكتب التسعة ٢/ ١١٣) .
(٣) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (زجج، قلد، علف) والأشباه والنظائر ٢/ ١٠٨ وأمالي المرتضى ٢/ ٢٥٩ والإنصاف ٢/ ٦١٢ وأوضح المسالك ٢/ ٢٤٥ والخصائص ٢/ ٤٣١ والدرر ٦/ ٧٩ وشرح الأشموني ١/ ٢٢٦ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١١٤٧ وشرح شذور الذهب ص ٣١٢ وشرح شواهد المغني ١/ ٥٨ وهمع الهوامع ٢/ ١٣٠ وتاج العروس (علف) والطبري ١/ ١٤٧.
(٤) ويروي أيضا: «يا ليت زوجك قد غدا» . والبيت بلا نسبة في الطبري ١/ ١٤٧ والأشباه والنظائر ٢/ ١٠٨ وأمالي المرتضى ١/ ٥٤ والإنصاف ١/ ٥٤ وخزانة الأدب ٢/ ٢٣١ والخصائص ٢/ ٤٣١ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٨٢ وشرح المفصل ٢/ ٥٠ ولسان العرب (رغب، زجج) ، مسح، قلد، جدع، جمع، هدى) والمقتضب ٢/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>