الخطابي: ضعف هذا الحديث جماعة وقالوا: أفلت مجهول، لكن رواه ابن ماجة، من حديث أبي الخطاب الهجري، عن محدوج الذهلي، عن جسرة، عن أم سلمة، عن النبي ﷺ به، قال أبو زرعة الرازي: يقولون: جسرة، عن أم سلمة، والصحيح جسرة عن عائشة، فأما ما رواه أبو عيسى الترمذي: من حديث سالم بن أبي حفصة عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال:
قال رسول الله ﷺ«يا علي لا يحل لأحد أن يجنب، في هذا المسجد غيري وغيرك» فإنه حديث ضعيف لا يثبت، فإن سالما هذا متروك، وشيخه عطية ضعيف، والله أعلم.
حديث آخر: في معنى الآية. قال ابن أبي حاتم: حدثنا المنذر بن شاذان، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرني ابن أبي ليلى عن المنهال، عن زر بن حبيش، عن علي ﴿وَلا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ﴾ قال: لا يقرب الصلاة، إلا أن يكون مسافرا تصيبه الجنابة، فلا يجد الماء فيصلي، حتى يجد الماء، ثم رواه من وجه آخر عن المنهال بن عمرو، عن زر، عن علي بن أبي طالب، فذكره. قال: وروي عن ابن عباس في إحدى الروايات، وسعيد بن جبير والضحاك، نحو ذلك. وقد روى ابن جرير (١)، من حديث وكيع، عن ابن أبي ليلى عن المنهال، عن عباد بن عبد الله، أو عن زر بن حبيش عن علي، فذكره. ورواه من طريق العوفي وأبي مجلز: عن ابن عباس، فذكره. ورواه عن سعيد بن جبير، وعن مجاهد، والحسن بن مسلم، والحكم بن عتيبة، وزيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن مثل ذلك. وروى من طريق ابن جريج عن عبد الله بن كثير، قال: كنا نسمع أنه في السفر. ويستشهد لهذا القول بالحديث الذي رواه أحمد وأهل السنن من حديث أبي قلابة عن عمر بن بجدان، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله ﷺ«الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم تجد الماء عشر حجج، فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك، فإن ذلك خير» ثم قال ابن جرير بعد حكايته القولين: والأولى قول من قال ﴿وَلا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ﴾ أي إلا مجتازي طريق فيه، وذلك أنه قد بين حكم المسافر إذا عدم الماء وهو جنب، في قوله ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ﴾ [النساء: ٤٣] إلى آخره، فكان معلوما بذلك أن قوله ﴿وَلا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ لو كان معنيا به المسافر، لم يكن لإعادة ذكره في قوله ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ﴾ معنى مفهوم، وقد مضى حكم ذكره قبل ذلك، فإذا كان ذلك كذلك فتأويل الآية: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا المساجد للصلاة مصلين فيها، وأنتم سكارى، حتى تعلموا ما تقولون، ولا تقربوها أيضا جنبا، حتى تغتسلوا، إلا عابري سبيل، قال: والعابر السبيل: المجتاز مرا وقطعا، يقال منه: عبرت هذا الطريق، فأنا أعبره عبرا وعبورا، ومنه يقال عبر فلان النهر، إذا قطعه وجاوزه، ومنه قيل للناقة القوية على الأسفار، هي عبر الأسفار لقوتها على قطع الأسفار.
وهذا الذي نصره، هو قول الجمهور، وهو الظاهر من الآية، وكأنه تعالى نهى عن تعاطي