للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد بن حنبل ، قال ناصر هذه المقالة: قد قرئ في هذه الآية لامستم ولمستم، واللمس يطلق في الشرع على الجس باليد، قال تعالى: ﴿وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ﴾ [الأنعام: ٧] أي جسوه، وقال رسول الله لماعز حين أقر بالزنا، يعرّض له بالرجوع عن الإقرار: «لعلك قبلت أو لمست»، وفي الحديث الصحيح «واليد زناها اللمس»، وقالت عائشة : قلّ يوم إلا ورسول الله يطوف علينا، فيقبل ويلمس، ومنه ما ثبت في الصحيحين، أن رسول الله نهى عن بيع الملامسة، وهو يرجع إلى الجس باليد، على كلا التفسيرين، قالوا: ويطلق في اللغة على الجس باليد، كما يطلق على الجماع، قال الشاعر: [الطويل] ولمست كفي كفّه أطلب الغنى واستأنسوا أيضا بالحديث الذي رواه أحمد (١)، حدثنا عبد الله بن مهدي، وأبو سعيد، قالا: حدثنا زائدة، عن عبد الملك بن عمير، وقال أبو سعيد: حدثنا عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ، قال: إن رسول الله أتاه رجل فقال: يا رسول الله، ما تقول في رجل لقي امرأة لا يعرفها، فليس يأتي الرجل من امرأته شيئا إلا أتاه منها، غير أنه لم يجامعها، قال: فأنزل الله ﷿ هذه الآية ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذّاكِرِينَ﴾ [هود: ١١٤]، قال: فقال له رسول الله «توضأ ثم صلّ» قال معاذ: فقلت: يا رسول الله، أله خاصة أم للمؤمنين عامة؟ فقال «بل للمؤمنين عامة»، ورواه الترمذي من حديث زائدة به، وقال: ليس بمتصل، ورواه النسائي: من حديث شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، مرسلا، قالوا: فأمره بالوضوء، لأنه لمس المرأة ولم يجامعها، وأجيب بأنه منقطع بين ابن أبي ليلى ومعاذ، فإنه لم يلقه، ثم يحتمل أنه إنما أمره بالوضوء والصلاة للتوبة، كما تقدم في حديث الصديق: «ما من عبد يذنب ذنبا فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر الله له» الحديث، وهو مذكور في سورة آل عمران، عند قوله ﴿ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٣٥].

ثم قال ابن جرير: وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عنى الله بقوله: ﴿أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ﴾ الجماع، دون غيره من معاني اللمس، لصحة الخبر عن رسول الله أنه قبّل بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ، ثم قال: حدثني بذلك إسماعيل بن موسى السدي، قال:

أخبرنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله يتوضأ، ثم يقبل ثم يصلي، ولا يتوضأ، ثم قال: حدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله ، قبّل بعض


(١) مسند أحمد ٥/ ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>