للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للبر والفاجر، وقال محمد بن الحنفية: هي مسجلة (١) للبر والفاجر وقال أبو العالية الأمانة ما أمروا به ونهوا عنه. وقال ابن أبي حاتم. حدثنا أبو سعيد، حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق، قال: قال أبي بن كعب: من الأمانة أن المرأة ائتمنت على فرجها. وقال الربيع بن أنس: هي من الأمانات فيما بينك وبين الناس. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها﴾، قال: قال يدخل فيه وعظ السلطان النساء يعني يوم العيد.

وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي العبدري حاجب الكعبة المعظمة، وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم، أسلم عثمان هذا في الهدنة بين صلح الحديبية، وفتح مكة، هو وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وأما عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، فكان معه لواء المشركين يوم أحد، وقتل يومئذ كافرا، وإنما نبهنا على هذا النسب لأن كثيرا من المفسرين قد يشتبه عليه هذا بهذا، وسبب نزولها فيه لما أخذ منه رسول الله مفتاح الكعبة يوم الفتح ثم رده عليه.

وقال محمد بن إسحاق (٢) في غزوة الفتح: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن صفية بنت شيبة: أن رسول الله لما نزل بمكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت، فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن (٣) في يده، فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له، فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان، فكسرها بيده ثم طرحها، ثم وقف على باب الكعبة وقد استكفّ (٤) له الناس في المسجد، قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول قام على باب الكعبة، فقال «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعي فهو تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج» وذكر بقية الحديث في خطبة النبي يومئذ إلى أن قال: ثم جلس رسول الله في المسجد، فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده، فقال: يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك، فقال رسول الله «أين عثمان بن طلحة؟» فدعي له، فقال له «هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم وفاء وبر».


(١) مسجلة: مطلقة لكل إنسان برا كان أو فاجرا.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ٤١١.
(٣) المحجن: عود معوج الطرف يمسكه الراكب للبعير في يده.
(٤) استكف: استجمع. من الكافة وهي الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>