للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيد بن جبير، قال: جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله وهو محزون، فقال له النبي : «يا فلان ما لي أراك محزونا؟» فقال: يا نبي الله شيء فكرت فيه، فقال: ما هو؟ قال: نحن نغدو عليك ونروح ننظر إلى وجهك ونجالسك وغدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك، فلم يرد النبي شيئا، فأتاه جبريل بهذه الآية ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ﴾ الآية، فبعث النبي فبشره.

وقد روي هذا الأثر مرسلا عن مسروق، وعن عكرمة، وعامر الشعبي وقتادة، وعن الربيع بن أنس وهو من أحسنها سندا، قال ابن جرير: حدثنا المثنى، حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع قوله: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ﴾ الآية، وقال: إن أصحاب النبي قالوا: قد علمنا أن النبي له فضل على من آمن به في درجات الجنة ممن اتبعه وصدقه، وكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضهم بعضا. فأنزل الله في ذلك، يعني هذه الآية، فقال: يعني رسول الله «إن الأعلين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم، فيجتمعون في رياض فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه، وينزل لهم أهل الدرجات فيسعون عليهم بما يشتهون وما يدعون به، فهم في روضة يحبرون ويتنعمون فيه».

وقد روي مرفوعا من وجه آخر، فقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم، حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد، حدثنا عبد الله بن عمران، حدثنا فضيل بن عياض عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: جاء رجل إلى النبي فقال:

يا رسول الله، إنك لأحب إليّ من نفسي، وأحب إليّ من أهلي، وأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك، عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإن دخلت الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يرد عليه النبي حتى نزلت عليه ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً﴾. وهكذا رواه الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتابه في صفة الجنة من طريق الطبراني عن أحمد بن عمرو بن مسلم الخلال، عن عبد الله بن عمران العابدي به، ثم قال: لا أرى بإسناده بأسا، والله أعلم.

وقال ابن مردويه أيضا: حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا أبو بكر بن ثابت بن عباس المصري، حدثنا خالد بن عبد الله عن عطاء بن السائب، عن عامر الشعبي، عن ابن عباس: أن رجلا أتى النبي فقال: يا رسول الله إني لأحبك حتى إني لأذكرك في المنزل فيشق ذلك علي، وأحب أن أكون معك في الدرجة، فلم يرد عليه النبي شيئا، فأنزل الله ﷿ هذه الآية. وقد رواه ابن جرير عن ابن حميد عن جرير عن عطاء، عن الشعبي مرسلا.

وثبت في صحيح مسلم من حديث هقل بن زياد عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن

<<  <  ج: ص:  >  >>