للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ﴾ وخلف النبي ابن أم مكتوم، فقال يا رسول الله، أنا ضرير، فنزلت مكانها ﴿لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ قال البخاري أيضا: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، حدثني سهل بن سعد الساعدي أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد، قال:

فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله أملى علي ﴿لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ … ﴿وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ فجاءه ابن أم مكتوم وهو يمليها علي، قال: يا رسول الله، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان أعمى، فأنزل الله على رسوله ، وكان فخذه على فخذي فثقلت علي خفت أن ترض فخدي، ثم سري عنه، فأنزل الله ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ -تفرد به البخاري دون مسلم.

وقد روي من وجه آخر عند الإمام أحمد (١) عن زيد فقال: حدثنا سليمان بن داود، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، قال: قال زيد بن ثابت: إني قاعد إلى جنب النبي إذ أوحي إليه وغشيته السكينة، قال: فرفع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة، قال زيد: فلا والله ما وجدت شيئا قط أثقل من فخذ رسول الله ثم سري عنه، فقال: اكتب يا زيد، فأخذت كتفا، فقال: اكتب ﴿لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ … ﴿وَالْمُجاهِدُونَ﴾ إلى قوله: ﴿أَجْراً عَظِيماً﴾ فكتبت ذلك في كتف، فقام حين سمعها ابن أم مكتوم وكان رجلا أعمى، فقام حين سمع فضيلة المجاهدين، وقال: يا رسول الله، وكيف بمن لا يستطيع الجهاد ومن هو أعمى وأشباه ذلك؟ قال زيد: فوالله ما قضى كلامه-أو ما هو إلا أن قضى كلامه- غشيت النبي السكينة، فوقعت فخذه على فخذي، فوجدت من ثقلها كما وجدت في المرة الأولى، ثم سري عنه، فقال: اقرأ فقرأت عليه ﴿لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ … ﴿وَالْمُجاهِدُونَ﴾ فقال النبي ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾، قال زيد: فألحقتها، فوالله كأني أنظر إلى ملحقها عند صدع كان في الكتف، ورواه أبو داود عن سعيد بن منصور، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، به نحوه.

وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، أنبأنا الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، عن زيد بن ثابت قال: كنت أكتب لرسول الله فقال: «اكتب ﴿لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ … ﴿وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ فجاء عبد الله ابن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله، إني أحب الجهاد في سبيل الله ولكن بي من الزمانة ما قد ترى، قد ذهب بصري، قال زيد: فثقلت فخذ رسول الله على فخذي حتى خشيت أن ترضها ثم سري عنه، ثم قال: اكتب ﴿لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾، ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير (٢) وقال


(١) مسند أحمد ٥/ ١٩١.
(٢) تفسير الطبري ٤/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>