للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله في بعض غزواته، فسرقت درع لأحدهم، فأظن بها رجلا من الأنصار، فأتى صاحب الدرع رسول الله فقال: إن طعمة بن أبيرق سرق درعي، فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء، وقال لنفر من عشيرته: إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده، فانطلقوا إلى نبي الله ليلا فقالوا: يا نبي الله إن صاحبنا بريء وإن صاحب الدرع فلان، وقد أحطنا بذلك علما، فاعذر صاحبنا على رؤوس الناس، وجادل عنه، فإنه إن لم يعصمه الله بك يهلك، فقام رسول الله ، فبرأه وعذره على رؤوس الناس، فأنزل الله ﴿إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ الآية.

ثم قال تعالى للذين أتوا رسول الله مستخفين بالكذب ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ﴾ الآيتين، يعني الذين أتوا رسول الله مستخفين يجادلون عن الخائنين، ثم قال ﷿: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾ [النساء: ١١٠]، يعني الذين أتوا رسول الله مستخفين بالكذب ثم قال: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾ [النساء: ١١٢] يعني السارق والذين جادلوا عن السارق، وهذا سياق غريب، وكذا ذكر مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم في هذه الآية: إنها نزلت في سارق بني أبريق على اختلاف سياقاتهم وهي متقاربة.

وقد روى هذه القصة محمد بن إسحاق مطولة، فقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية من جامعه، وابن جرير (١) في تفسيره: حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني، حدثنا محمد بن سلمة الحراني، حدثنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده قتادة بن النعمان ، قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق: بشر وبشير ومبشر، وكان بشير رجلا منافقا يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله ، ثم ينحله لبعض العرب، ثم يقول: قال فلان كذا وكذا وقال فلان كذا وكذا، فإذا سمع أصحاب رسول الله ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث أو كما قال: الرجل، وقالوا: ابن الأبيرق قالها، قالوا: وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام، وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة (٢) من الشام من الدرمك (٣) ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه، وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير، فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملا من الدرمك


(١) تفسير الطبري ٤/ ٢٦٥.
(٢) الضافطة: العير تحمل المتاع. أو التجار يحملون الطعام وغيره.
(٣) الدرمك: الدقيق النقي الأبيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>