للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقتله، ثم يأتي عيسى قوما قد عصمهم الله منه، فيمسح على وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله ﷿ إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز (١) عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أولهم على بحيرة طبريا فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء، ويحضر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خير من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النغف (٢) في رقابهم فيصبحون فرسي كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأ زهمهم (٣) ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله، طيرا كأعناق البخت (٤)، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر (٥)، ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة (٦)، ثم يقال للأرض:

أخرجي ثمرك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها، ويبارك الله في الرسل حتى إن اللقحة (٧) من الإبل لتكفي الفئام (٨)، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فيقبض الله روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة» ورواه الإمام أحمد (٩) وأهل السنن من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به. وسنذكره أيضا من طريق أحمد عند قوله تعالى في سورة الأنبياء: ﴿حَتّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ﴾ [الأنبياء: ٩٦] الآية.

حديث آخر: قال مسلم (١٠) في صحيحه أيضا: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم، قال: سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو، وجاءه رجل فقال: ما هذا الحديث الذي تحدث به، تقول إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا؟ فقال: سبحان الله، أو لا إله إلا الله، أو كلمة نحوهما، لقد هممت أن لا أحدث أحدا شيئا أبدا، إنما قلت: إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما: يحرق


(١) أي ضمهم إلى الطور واجعله لهم حرزا.
(٢) النغف: الدود يكون في أنوف الإبل والغنم.
(٣) الزهم: الدسم.
(٤) البخت: الإبل الخراسانية.
(٥) المدر: الطين الصلب.
(٦) أي كالمرآة.
(٧) اللقحة: القريبة العهد من الولادة.
(٨) الفئام: الجماعة من الناس.
(٩) مسند أحمد ٤/ ١٨٢ - ١٨٣.
(١٠) صحيح مسلم (فتن وأشراط الساعة حديث ١١٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>