دخل الحريري باب القلب وسماه: ما لا يستحيل بالانعكاس، وأخذ بالترتيب التصاعدي؛ فبدأ بما يتركب من كلمتين مثل (ساكب كاس) ، و (لم أخا مَلّ)[٢٨] ، و (كبّر رجاء أجر ربّك)[٢٩] ، و (من يربّ إذا برّ ينم)[٣٠] ، و (سكّت كل من نمّ لك تكِس)[٣١] ، أخيرا جاء بجملة من سبع كلمات فقال:"لُذْ بكل مؤمّل إذا لَمّ وملك بذل"[٣٢] .
وبعد هذه الجمل جاء الحريري بأبيات شعرية يمكن أن يقلب كل بيت منها ويقرأ من الشمال إلى اليمين والمعنى لا يتغير، وكذلك الوزن والقافية.
اقرأ معي هذه الأبيات الواردة في المقامة السادسة عشر المغربية:
أس أرملا إذا عر
وارع إذا المرء أسا
أسند أخا نباهه
أبِن إخاء دنسا
أسل جناب غاشم
مشاغب إن جلسا
أسر إذا هبّ مِرا
وارم به إذا رسا
اسكن تقو فعسى
يسعف وقت نكسا [٣٣]
فهذه الأبيات تقرأ من اليمين إلى الشمال وبالعكس، أي أنك تقلب الحروف من آخر البيت إلى أوله، وهذا غير عكس الألفاظ الذي سنراه فيما بعد.