للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورأيي أن ما ذهب إليه الزركشي أقرب إلى الصواب؛ لأن قصص القرآن الكريم وأخباره عمن أهلكهم الله بذنوبهم تدعو إلى الأمل والتبصر والاعتبار قبل أن تدعو إلى محض التعجيب والإخبار.

قد تسألين وتقولين: إذا كان الاستفهام في هذه الآيات داعيا إلى التنبيه قائلا للمخاطب: انظر بفكرك وتبصر؛ ففي أي شيء يكون هذا التأمل والتفكير؟.

أما الآية الأولى فتعالي وانظري إلى هذه الصورة الجميلة وتأملي ما اشتملت عليه:

الإيمان شجرة لها جذور عميقة في جوف الأرض تمتص الغذاء وتجد أسباب النماء، ثم هي ذاهبة إلى السماء بأغصانها اللدنة وأوراقها الخضر لتمتص دفء الشمس وتعب نقي الهواء؛ فلا عجب أن تثمر ثمرا شهيا في كل حين بفضل من الله وإحسان.

وهذا هو شأن المؤمن الذي استقرت في قلبه كلمة الإيمان: لا إله إلا الله، يحيا في قلبه ونفسه حياة آمنة مطمئنة، يفعل الحسنات بفضل الله ما امتد به العمر، ويعمل الصالحات بهدى منه تعالى في كل حين.

وأما في الآية الثانية فموضع التأمل والتبصر مصارع الذين ظلموا، مصارع عاد وثمود وفرعون الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، وظنوا أن لن يقدر عليهم أحد، فصب عليهم ربك العذاب صبا يتذوقون طعمه تذوق المجلود طعم السياط.

أما موضع التأمل في الآية الثالثة فهذه النهاية التي انتهى إليها أصحاب الفيل وقائدهم الذي امتطى الفيل، وكان من هوان هذا المغرور الأحمق وأصحابه على الله أن سلط عليهم خلقا ضعيفا من خلقه لا يساوي شيئا يذكر إذا قيس في نظر العين بحجم الفيل، فأرسلها عليهم جماعات من الطير تحمل في أرجلها حصيات صغيرة من سجيل ترميهم بها فتجعلهم كعصف مأكول، وهل يصير العصف المأكول إلا رمادا تذروه الرياح؟!

والآن تعالي - أختي العزيزة - أحدثك بما في هذه الصيغة من كلمات بعد أن حدثتك عن معنى همزة الاستفهام فيها: