ولم أقصد إلى سرد محاضرة في التشريح، بل هو إيضاح حتى يمكن لنا أن نتخيل ماذا يحدث لو أصيب الإنسان بشلل في أحد هذه الأعصاب، وهنا ندرك قوله تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} إبراهيم /٣٤، كما يقول الدكتور وتز - عميد كلية الطب في باريس وعضو أكاديمية العلوم -: (إذا أحسست في حين من الأحيان أن عقيدتي بالله تزعزعت وجهت وجهي إلى أكاديمية العلوم لتثبيتها) ، وصدق الله إذ يقول:{وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} الجاثية / ٤.
ويبلغ عدد الخلايا التي في الدماغ أربعة عشر مليار خلية، وكل منطقة من مناطق المخ تتراكم فيها أنواع خاصة من الخلايا أكثر من غيرها، فهذه منطقة للرؤية، وتلك للسمع، وثالثة للحركة، ورابعة للحس، وهكذا، ولوحظ أن خلايا الدماغ ترسل إشارات كهربائية أمكن تسجيلها ونقلها وتكبيرها بآلة ترسم هذه الإشارات بشكل خطوط وموجات مما فتح مجالات كثيرة أمام الطب، مثل تحديد بعض الأمراض المخيفة، والكشف عن بعض الأورام المدفونة في تلافيف المخ.
وكلما كان تركيب الشيء معقدا ووظيفته غالية كلما كانت العناية به فائقة والمحافظة عليه ضرورية؛ ولذلك نجد أن المخ تحميه الأشياء الآتية:
١- بقة من العظام: وهي عظام الجمجمة التي تتكون من اثنتين وعشرين عظمة.
٢- أغشية ثلاثة تغلفه.
٣- سائل يحيط به من جميع الجهات ليكون حاميا له من الرضوض والصدمات.
إنها الرعاية الإلهية الشاملة، كما في الجنين وهو في رحم أمه حيث يحيط به السائل الأمنيوسي وثلاثة أغلفة.