ولقد ذكر بعض المحدثين عددا أقل من الأحاديث التي ذكرها أبو زرعة، ولعلهم أرادوا أن يرفعوا من شأن سنن ابن ماجة ومكانتها.
قال أبو القاسم عبد الكريم بن محمد القزويني الرافعي المتوفى سنة ٦٢٣هفي ترجمة ابن ماجة من تأريخه:(وسمعت والدي رحمه الله يقول: عرض كتاب السنن لابن ماجة على أبي زرعة الرازي فاستحسنه وقال: لم يخطئ إلا في ثلاثة أحاديث)[٢٨] .
أقول: هذا الخبر ظاهر الضعف، ولعله أراد أن يفتخر بإمام بلده ويرفع من شأن سننه - رحمهما الله-، ويحتمل وقوع تصحيف (ثلاثين) إلى (ثلاثة) .
وروى ابن نقطة بسنده إلى ابن طاهر المقدسي الحافظ أنه قال:(رأيت على ظهر جزء قديم بالري حكاية كتبها أبو حاتم الحافظ المعروف بخاموش: قال أبو زرعة: طالعت كتاب أبي عبد الله بن ماجة فلم أجد فيه إلا قدرا يسيرا مما فيه شيء. وذكر بضعة عشر، وكلاما هذا معناه، قال ابن طاهر المقدسي: وحسبك من كتاب يعرض على أبي زرعة الرازي، ويذكر هذا الكلام بعد إمعان النظر والنقد)[٢٩] .
وذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة ابن ماجة قول أبي زرعة هذا إلى قوله: وكلامه هذا معناه..، إلا أنه قال فيه:(وذكر قريب تسعة عشر..)[٣٠] .
الرد على هذا القول
رد الإمام ابن رشيد:
قال الإمام أبو عبد الله بن رشيد - أثناء كلامه عن منزلة سنن النسائي، والموازنة بينها وبين كتب السنن -: (وأما ما حكاه ابن طاهر عن أبي زرعة أنه نظر فيه فقال: (لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا) لا تصح لانقطاع سندها، وإن كانت محفوظة فلعله أراد ما فيه من الأحاديث الساقطة إلى الغاية، أو كان ما رأى من الكتاب إلا جزءا منه فيه هذا القدر، وقد حكم أبو زرعة على أحاديث منه بكونها باطلة أو ساقطة أو منكرة، وذلك محكي في كتاب (العلل) لأبي حاتم [٣١] . [والصواب لابن أبي حاتم] .