للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: في هذه الآية الكريمة نجد أن الاسمين الكريمين في قوله تعالى: {عَلِيّاً كَبِيراً} قد سبقا بقضية من القضايا الاجتماعية الخطيرة، وهي قضية قوامة الرجل على المرأة وحقه في تأديبها عند خوف نشوزها؛ فقررت الآية للرجل القوامة الكاملة على المرأة، لأنه هو الذي يتولى الذب عنها، والإنفاق عليها، وذلك بسبب تفضيله بما فضله الله تعالى بأن جعل منه الخليفة، والسلطان، والحاكم، والأمير، والغازي، والقاضي، وغير ذلك من الأمور التي خص الله عز وجل بها الرجل، ثم ذكرت الآية أن الزوجات الصالحات قانتات أي مطيعات لله بتأدية حقوقه وحقوق أزواجهن، وأنهن حافظات لأنفسهن ومال أزواجهن في غيبتهم بحفظ الله.

ثم عالجت الآية قضية خوف نشوز المرأة، فحددت للرجل خطوات علاج لابد له أن يتبعها مع زوجته، وذلك أولا: بأن يعظها، ثانيا: بأن يهجرها في المضجع إن لم يثمر وعظها، وثالثا: بأن يضربها ضربا - غير مبرح كما بينت السنة المشرفة - إن لم يثمر هجرها، فإن أطاعت، فليس له أن يتعرض لها بسوء من قول أو فعل، فإن تعرض لها رغم طاعتها، فإن الله (العلي الكبير) يجازيه بعمله.

وقد ذكر الإمام الشوكاني في قوله تعالى في هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} أن هذا إشارة إلى الأزواج بخفض الجناح ولين الجانب - أي في حالة طاعتهن - أي: وإن كانوا يقدرون عليهن، فليذكروا قدرة الله عليهم، فإنها فوق كل قدرة، والله بالمرصاد لهم [٣٨] .

وفضلا عما ذكرت، فقد ورد اسم (العلي) سبحانه مقترنا باسم (الحكيم) في القرآن الكريم مرة واحدة [٣٩] في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الشورى آية ٥١) .