للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن التربية المسيحية يمكن النظر إليها من خلال طبيعة الديانة المسيحية؛ فمع ما تقدم ذكره مما جاء في كتاب تاريخ التربية فإن الواقع التاريخي يدل على أن المسيحية لم تكن بطبيعتها ديانة تبنى عليها حضارة أو تقام على ضوء تعاليمها دولة، وقد جاء (بولس) فطمس نورها وأزال البقية من آثار تعاليمها وطعمها بخرافات الجاهلية والوثنية التي نشأ عليها، ثم قضى (قسطنطين) على البقية الباقية فأصبحت النصرانية مزيجا من الخرافات اليونانية والوثنية الرومية والأفلاطونية المصرية والرهبانية؛ فتلاشت تعاليم المسيح كتلاشي القطرة في اليم؛ فأصبحت معتقدات لا تغذي الروح ولا تمد القلب ولا تشعل العاطفة ولا تحل مشاكل الحياة، وأصبحت على تعاقب العصور ديانة وثنية؛ يقول (SALE) مترجم القرآن الكريم إلى الإنجليزية، عن نصارى القرن السادس الميلادي: (وأسرف المسيحيون في عبادة القديسين والصور المسيحية؛ حتى فاقوا في ذلك الكاثوليك في هذا العصر) [١٢] .

والمعروف أن العالم قد وصل إلى درجة كبيرة من الانحطاط في القرنين السادس والسابع؛ نتيجة لانقطاع صلة العالم بالله سبحانه وتعالى، وبعد الشقة بينها وبين رسالات الأنبياء، وفقدان الأديان لروحها وتعاليمها؛ لكثرة ما لحق بها من تحريفات وما لحق الأمم من فوضى وانحلال، وطبيعي أن ديانة كهذه لا تستطيع، بل ليست من طبيعتها أن تقدم نظرية متكاملة في التربية؛ لأنها لم تأت بمنهج كامل للحياة كالإسلام.