والعلوم النظرية لا تغني عن التزود من العلوم العملية، ولكل منهما ضرورة، وقد يفرض واقع الأمة على الشباب أن يتداركوا ما تحتاج إليه الأمة من أحد هذين النوعين أكثر من النوع الآخر.
وعلى هذا يكون التخطيط في مثل هذه الشؤون أمرا ضروريا مفروضا على ولاة أمر الأمة.
ولابد من تضافر الجهود في هذه السبيل، لأن دفع الآباء لأبنائهم في منطلق واحد أمر لا تحمد نتيجته، ولابد من تنويع المنطلقات وتوفير الأسباب لبيان ضرورتها وفائدتها.
واقتحام منطلقات جديدة قد يحقق فرصا ومنافع لكثير من الشباب جميعهم أو أغلبهم في منطلق واحد أو ما كانت لتتحقق لو أنهم اندفعوا في منطلقات مسبوقة.
وللأمة أمجاد ومفاخر، ولا يحافظ عليها إلا تلاحق الأمجاد والمفاخر، فإذا انطفأت الشعلة في الشباب بانصرافهم عن هذا الواجب العظيم، عاشت الأمة ذليلة في حاضرها، ودب اليأس إلى باقي عناصر الأمة، وتغلب الشك على صدق نسبة هذه الأمجاد إلى أصول هؤلاء الشباب، وطمع الغير في السيطرة والتغلب على هذه الأمة، ويكون السبب في هذا كله تقريبا تفريط الشباب في واجبهم، وكم لهذا التفريط من نتائج سيئة وعواقب وخيمة.
ولذلك أهيب بهؤلاء الشباب وأخص بقولي المثقفين منهم، أن لا يفتحوا ثغرة في صفوف هذه الأمة، وأن يكونوا مفاتيح خير لها في كل منطلق وميدان ومغاليق شر لكل ضلالة وفساد وانحلال.
وأن يكونوا على يقين من حسن النتيجة فيما لو صدقوا أنفسهم ولم يخدعوها بالأماني، وبذلوا في سبيل ذلك من الجهد والدأب والسهر ما يهون أمام الهدف الذي ينشدونه، وهو إحلال هذه الأمة في مكانها الذي أعده الله لها في قوله جل وعلا:{كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} .